للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سؤاله الثاني يقول كيف يكون مصير الأمة الإسلامية لو تبدلت حياتهم المكانية والمعيشية فلو جد عليهم ظروف جديدة مثل الكوارث من سيول عارمة أخرجت الكثير منهم من منازلهم وما فيها من نعيم أو زلزال حرمهم مساكنهم وما فيها من وسائل الراحة وأخرجهم مع أطفالهم ونسائهم في العراء أو أعاصير لا قدرة للخلق بها فبالله عليكم ما السبيل لأنني أقول لكم هذا الكلام حينما عرفت موقعي من هذه الدنيا بما لدي من مال يفوق تصور الكثيرين من الناس وبما أنني قد عرفت أن هذا المال ليس ملكي وإنما هو وديعة عندي لصاحبه الحقيقي وهو الله وأخشى في يوم ما أن يسترجع عاريته ولا يبقى عندي إلا أثرها وهي نعومة ملمسي وحسن نضارتي وجودة ملبسي ورفاهية مركبي دلونا إلى الصواب معشر التجار فإنا في خطر؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: أنا أشكر الأخ على هذا الكلام الجيد الرصين الذي يدل على إيمان هذا الرجل وعلى عقله وتخوفه من المستقبل ودلالتي لهؤلاء التجار أولاً أن يأخذوا الأموال من وجهها على وجه مباح ليس فيه تحريم من غش أو خداع أو مكر للمسؤولين أو غير المسؤولين وألا يتجرؤوا على أخذه من طريق الربا فإن الربا من أعظم الذنوب وأشدها خطراً على المجتمع وقد قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه (لعن في الربا خمسة لعن آكله وموكله وشاهديه وكاتبه وقال هم سواء) فنصيحتي لهؤلاء التجاربأمور:

الأول أن يكون اكتسابهم من المال على وجه حلال.

ثانياً أن يخرجوا ما يجب في هذا المال من زكاة ونفقات.

وثالثاً ألا يسرفوا في استهلاك هذا المال في أمور التنعم بفضول الطعام والشراب واللباس والنكاح والمساكن والمراكب وغيرها وأن يقتصدوا فإنه من الدعاء المأثور (وأسألك القصد في الفقر والغنى) وليس يعقب السرف إلا التلف فإذا هم استقاموا على هذه الأمور الثلاثة اكتساب المال من حله وصرف ما يجب فيه من زكاة ونفقات وعدم الإسراف في إنفاقه فإنه يُرجَى لهم خير كثير ونعم المال الصالح عند الرجل الصالح.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>