السؤال: هذا السائل من صنعاء يقول تقدمت لخطبة فتاة من قريتنا للزواج قبل أربع سنوات حيث الشروط والمهور في قريتنا غالية جداً تصل إلى مائة وثلاثين ألف ريال وتزوجت على هذا المبلغ المذكور ولكن الذي حدث هو أنه صدر قرار من الدولة ومن مشايخ قرى أخرى مجاورة لقريتي في تحديد شروط ومهور النساء واتفقوا على أن يكون المبلغ خمسين ألف ريال ولكن قريتي لم تلتزم بهذا وأراد كل ولي لفتاة أن يزوجها إليّ بملغ مائة وثلاثين ألف ريال طمعاً في المال وأنا تزوجت على هذا المبلغ لأني لم أجد أحداً من أهل قريتي يزوجني بملغ يسير وتزوجت وفوضت أمري إلى الله ولكن الذي حدث هو أنه قد طلبت المحكمة أولياء أمور النساء والرجال الذين زوجوا والذين تزوجوا لكي يحلفوا يميناً على أنهم لم يسلموا زيادة فوق الاتفاق ولم يأخذوا وحلفوني يميناً فقال لي قل بالله العظيم وأنا أردد بعده ذلك إلى أن قال وتكون زوجتك من رأسك طالق وقلت هذا وليس في نيتي الطلاق بينما فعلاً نحن قد سلمنا زيادة فوق الاتفاق والسؤال هو هل يعتبر هذا طلاقاً وكم يقع به أم ماذا يعتبر؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الظاهر أن هذا لا يعتبر طلاقاً لأن المقصود به تأكيد هذا الخبر الذي أخبرت به وهو أنك لم تزد على ما قررته الحكومة فلا يكون حينئذ طلاقاً لأن الطلاق إذا قصد به الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب كان له حكم اليمين على القول الراجح من أقوال أهل العلم وعلى هذا فامرأتك غير طالق منك بل هي زوجتك وإذا كنت مكرهاً على هذا اليمين فإنه لا أثم عليك أيضاً أما الكفارة فلا تجب لأن كفارة اليمين من شروط وجوبها أن تكون اليمين على أمر مستقبل أما اليمين على أمر ماضٍ فليس فيها كفارة وإنما فيها الإثم إن كان الإنسان كاذباً عالماً بكذبه أو عدم الإثم إن كان الإنسان صادقاً أو حالفاً على ما يغلب على ظنه.
فضيلة الشيخ: غلاء المهور إلى هذا الحد أليس فيه تعسير أمور الزواج ونحو ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لاشك أن غلاء المهور سبب لقلة الزواج والذي ينبغي إكثار الزواج حتى تكثر الأمة ويكثر نسلها ويحصل لها الخير ولهذا ينبغي للمسلمين عموماً أن يحرصوا على تقليل المهر مهما أمكن لأن في تكثير المهر مفاسد:
المفسدة الأولى أنه خلاف السنة فإن أهل العلم يقولون يسن في الصداق التخفيف
ثانياً أنه سبب لحرمان البركة لأن من بركة النكاح أن يكون يسير المؤونة
ثالثاً أن غلاء المهور سبب لإبقاء الزوجة أو للتمسك بالزوجة مع سوء العشرة لأن الرجل إذا علم أنه لن يجد زوجة إلا بمهر كثير وأنه قد سلم مهراً كثيراً لهذه الزوجة فإنه يتمسك بها وإن كانت العشرة بينهما سيئة وفي هذا من التعب النفسي والبدني ما هو ظاهر فلا يكاد يطلقها أبداً لكن لو كانت المهور يسيرة لكان الإنسان يمكن أن يطلق إذا لم يكن الاجتماع بين الزوجين.
الأمر الرابع من مفاسد تكثير الصداق أنه إذا ساءت العشرة بينهما ولم يمكن البقاء فإنه هذا الزوج قد يطلب المخالعة بأن يردوا عليه ما أعطاهم ثم يكلفهم أي يكلف الزوجة وأهلها بعد ذلك مبالغ باهظة قد لا يستطيعون القيام بها هذه من مفاسد تكثير المهور والذي أحب من عامة المسلمين أن يقوموا به هو أن يحرصوا غاية الحرص على تقليل المهور وتكون البداءة بهذا الأمر من الكبراء والرؤساء وذووي الجاه والشرف حتى يتبعهم الناس في ذلك فإن الناس إذا رأوا أعيانهم وكبرائهم وشرفائهم قد قللوا من المهور تبعوهم في هذا ومثل هذه الأمور لا يكفي فيها القول أو الكتابة بل لا ينفع فيها نفعاً مؤثراً إلا إيجاد ذلك بالفعل فإذا تحدث الناس أن فلاناً دفع هذا المهر القليل وزوجوه وهو من الأعيان والشرفاء والوجهاء هان عليهم بعد ذلك أن يزوجوا بمهور قليلة.