فأجاب رحمه الله تعالى: الأرض كروية بدلالة القرآن والواقع وكلام أهل العلم أما دلالة القرآن فإن الله تعالى يقول (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ) والتكوير جعل الشيء كالكور مثل كور العمامة ومن المعلوم أن الليل والنهار يتعاقبان على الأرض وهذا يقتضي أن تكون الأرض كروية لأنك إذا كورت شيئاً على شيء وكانت الأرض هي التي يتكور عليها هذا الأمر لزم أن تكون الأرض التي يتكور عليها هذا الشيء كروية وأما دلالة الواقع فإن هذا قد ثبت فإن الرجل إذا طار من جدة مثلاً متجهاً إلي الغرب خرج إلى جدة من الناحية الشرقية إذا كان على خط مستقيم وهذا شيء لا يختلف فيه اثنان وأما كلام أهل العلم فإنهم ذكروا أنه لو مات رجل بالمشرق عند غروب الشمس ومات آخر بالمغرب عند غروب الشمس وبينهما مسافة فإن من مات بالمغرب عند غروب الشمس يرث من مات بالمشرق عند غروب الشمس إذا كان من ورثته فدل هذا على أن الأرض كروية لأنها لو كانت الأرض سطحية لزم أن يكون غروب الشمس عنها من جميع الجهات في آن واحد وإذا تقرر ذلك فإنه لا يمكن لأحد إنكاره ولا يشكل على هذا قوله تعالى (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) لأن الأرض كبيرة الحجم وظهور كرويتها لا يكون في المسافات القريبة فهي بحسب النظر مسطحة سطحاً لا تجد فيها شيئاً يوجب القلق على السكون عليها ولا ينافي ذلك أن تكون كروية لأن جسمها كبير جداً ولكن مع هذا ذكروا أنها ليست كروية متساوية الأطراف بل إنها منبعجة نحو الشمال والجنوب فهم يقولون إنها بيضاوية أي على شكل البيضة في انبعاجها شمالاً وجنوباً.