للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستمع يقول إذا تزوجت بنت ووالدها مغترب هل يصح للعاقد أن يحل محل والدها ويتكلم بدلاً عنه في العقد رغم وجود إخوانها؟

فأجاب رحمه الله تعالى: من المعلوم أنه لانكاح إلا بولي بدلالة الكتاب والسنة والاعتبار على ذلك أما الكتاب فقد دل عليه قوله تعالى (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) وقوله (وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) وقوله (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) فإن هذه الآيات تدل على أن الذي يتولى عقد المرأة غيرها وهو وليها وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا نكاح إلا بولي) فهذه دلالة الكتاب والسنة أما الاعتبار فإن من المعلوم أن المرأة ناقصة العقل قوية العاطفة قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكنّ) فإذا كانت ناقصة العقل قوية العاطفة قريبة النظر فإنها قد تخدع فيخطبها من ليس أهلاً لها وحينئذ تحل الندامة والشقاء محل السعادة والفرح والسرور فكان من حكمة الشرع أن منع من تزوج المرأة بلا ولي.

وأولى الناس بتزويج المرأة أبوها وإن علا ثم ابنها وإن نزل ثم أخوها الشقيق ثم أخوها لأب ثم ابن أخيها الشقيق ثم ابن أخيها لأب ثم عمها الشقيق ثم عمها لأب ثم ابن عمها الشقيق ثم ابن عمها لأب ثم الولاء إذا كانت عتيقة أو لها أو عليها ولاء لأحد ثم السلطان وهو ذو السلطة العليا في الدولة أو من ينيبه ولا ولاية لأحد من أقاربها من جهة الأم فلا ولاية لأب الأم ولا ولاية للأخ من الأم ولا ولاية للخال ونحوهم وبناء على ذلك يتبين الجواب على سؤال السائل فإن هذا السائل يذكر أن هذه المرأة لها أب لكنه ليس حاضراً ولها إخوة وأن العاقد وهو المأذون هو الذي زوجها فالنكاح في هذه الحال نكاح فاسد غير صحيح لأنه مخالف لما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والاعتبار الصحيح وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) والواجب أن ينتظر الزوج الآن ويمتنع حتى يعاد عقد النكاح على وجه صحيح فيزوجها أبوها إن أمكن فإن لم يمكن فإنه يزوجها أولى الناس بها على حسب الترتيب الذي ذكرناه سابقاً والله المستعان.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>