[يقول السائل: من هم يأجوج ومأجوج الذين ذكروا في القرآن؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: يأجوج ومأجوج قبيلتان عظيمتان كبيرتان من بني آدم؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الصحيح:(إنه إذا كان يوم القيامة ينادي الله سبحانه وتعالى: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك! فيقول الله تعالى: أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار. فيقول: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألفٍ تسعمائة وتسعةٌ وتسعون. يعني: هؤلاء كلهم في النار من بني آدم، وواحد في الجنة. فعظم ذلك على الصحابة فقالوا: يا رسول الله! أينا ذلك الواحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أبشروا! فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه: يأجوج ومأجوج، منكم واحد ومنهم تسعمائة وتسعةٌ وتسعون) . فهما قبيلتان عظيمتان، لكنهما من أهل الشر والفساد، والدليل على ذلك أمران: أمرٌ سابق، وأمرٌ منتظر. فأما الأمر السابق: فما حكاه الله سبحانه وتعالى عن ذي القرنين أنه لما بلغ السدين (وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (٩٣) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (٩٤)) إلى آخر ما ذكر الله عز وجل. والشاهد من هذا قولهم:(إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) ، وطلبوا من ذي القرنين أن يجعل بينهم وبينهم سدّاً. وأما الشر والفساد المنتظر: فهو ما جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل (أن الله سبحانه وتعالى يوحي إلى عيسى أنه أخرج عباداً لله لا يدان لأحدٍ بقتالهم، وأنهم يعيثون في الأرض فساداً، وأنهم يحصرون عيسى ومن معه في الطور) . وهذا هو الفساد المرتقب منهم، فسيخرجون في آخر الزمان من كل حدبٍ ينسلون، ويعيثون في الأرض فساداً، حتى يدعو عيسى بن مريم ربه عليهم، فيصبحون موتى كنفسٍ واحدة. هؤلاء هم يأجوج ومأجوج، وأما ما يذكر في الإسرائيليات من أن بعضهم طويلٌ طولاً مفرطاً، وأن بعضهم قصيرٌ قصراً مفرطاً، وأن بعضهم لديه آذانٌ يفترش إحدى الأذنين ويلتحف بالأخرى، وما أشبه ذلك: فإن كل هذا لا صحة له، بل الصحيح الذي لا شك فيه أنهم كغيرهم من بني آدم، أجسادهم وما يحسون به وما يشعرون به، فهم بشر كسائر البشر، لكنهم أهل شرٍ وفساد.