المستمع ع. ع يقول توفي أخي وله ثلاثة أطفال وتزوجت من أمهم رأفةً بهم ورزقت منهم بثلاثة أطفال أيضا وأسكن معهم في منزلهم أي منزل الأيتام وأنا ولي أمرهم وكافلهم الوحيد وأقوم باستلام معاشهم وأضمه إلى معاشي وأحاول أن أدخر جزءً منه ليكون المدخر بيني وبينهم بالتساوي مع العلم أن معاشهم يزيد عن معاشي بثمانمائة ريال يمني كما أني حادٌ في طبعي وأقسو عليهم بقصد التربية التي ترضي الله عز وجل أسئلتي هي كما يلي ما حكم سكني معهم هل هو جائز أم لا وما حكم استلامي لمعاشهم وهل يحق لي أن أضمه لمعاشي لأدخر منه مالاً نقتسمه بالتساوي ثالثاً ما حكم قسوتي عليهم هل أنا على صواب أم على خطأ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً نشكرك على التزوج بزوجة أخيك بعد وفاته من أجل رعاية أبنائه لأن هذا بلا شك من صلة الرحم ومن الخير والمعروف وإذا قارنت هذا بما لو تزوجت من زوجٍ آخر لعرفت الفرق العظيم لأنه ربما يضيع أبناء أخيك لو تزوجت بزوجٍ آخر وتحصل مشاكل بينهم وبين ما تنجبه المرأة من أولاد الزوج الجديد فإذا كانوا معك وتحت رعايتك وتربيتك كان ذلك خيراً وأفضل بلا شك وعلى هذا فأبشر بالخير والأجر من الله عز وجل.
وأما سؤالك عن السكنى معهم فنقول إنه لا بأس أن تسكن معهم ولكن عليك من الأجرة بالقسط فإذا كانوا ثلاثة وأنت وزوجتك وأبناؤك الثلاثة صار الجميع ثمانية فتقسم الأجرة على ثمانية أسهم وتؤدي أنت ما يقابل خمسة أسهم يضاف إلى دراهم هؤلاء الأيتام لأنه ليس لك أن تسكن بيتهم بدون أجرة
وأما خلطك مالهم مع مالك فلا بأس به أيضاً إذا كان في ذلك مصلحة لقوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) لكن عليك أن تجعل من النفقة عليهم بقدر رؤوسهم فإذا أنفقت مثلاً ثمانين ريالاً فعليك من الإنفاق منها خمسون وعليهم ثلاثون وهلم جرا.
وأما القسوة عليهم بتأديبهم فإن كانت القسوة في هذا التأديب أمراً لا بد منه فلا بأس به لأنها من مصلحتهم وإن كان يمكن تلافي هذه القسوة فلا يجوز لك أن تقسو عليهم لأن الرأفة باليتيم والرحمة من أفضل الأعمال بل إنه لا تجوز القسوة مع إمكان تلافيها حتى في تربية غير الأيتام لأن التربية يراد بها الإصلاح لا الانتقام والانتصار للنفس وعلى هذا فنوجه إلى جميع إخواننا الذين يتولون التربية سواء في من تحت أيديهم من الأهل والأولاد أو في من تحت رعايتهم من أبناء المسلمين كالمدرسين مثلاً أن يستعملوا في التربية الأسهل فالأسهل والأقرب إلى حصول المطلوب فالأقرب وأن يعلموا أن الله تعالى يعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف وأن العنف قد يكون سبباً للنفور وكراهة الحق الذي يدعو إليه هذا المؤدب وكلما قورن الرفق بالعنف فإن إتباع الرفق أولى إذا لم تفت به المصلحة.