يزعم بعض الناس من المسلمين أن نبي الله الخضر عليه السلام لا يزال حياً يطوف على الأرض، وأنه إذا مر على إنسان وطلب منه الإحسان فقدمه له، إن كان ذلك الإنسان فقيراً صار غنيا، ً ويأتي إلى الناس بهيئة المجانين كي لا يعرفوه، وصار كثير من الناس يقدمون الإحسان لكل من يأتيهم بمثل تلك الهيئة، ظناً منهم أن يكون هو الخضر عليه السلام، فهل هذا الزعم الأسطوري وارد في الحديث الشريف؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الكلام على هذا السؤال من وجهين: أولاً: قول السائل: إن نبي الله الخضر، وجزمه بأنه نبي: هذا محل خلاف بين أهل العلم، هل كان الخضر نبياً، أو كان ولياً أعطاه الله سبحانه وتعالى من الكرامات ما علم به مآل ما جرى بينه وبين موسى عليه الصلاة والسلام؟ والراجح أنه ليس بنبي، وأنه ولي من أولياء الله؛ لأدلة ليس هذا موضع بسطها. الوجه الثاني: من حيث بقاء هذا الرجل- أعني: الخضر- إلى الآن: فإن هذا لا يصح إطلاقاً؛ لأنه لو كان الخضر حياً لكان يجب عليه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويؤمن به ويتبعه لو كان حياً، على فرض أن يكون حياً لكان قد مات أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدث أصحابه في آخر حياته أنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها ذلك اليوم أحد، فلو فرض أن الخضر قد بقي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام لكان لا يمكن أن يبقى بعد مائة السنة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعليه فإن الخضر لا وجود له وليس بموجود. ثم إن هذا الزعم الباطل الذي يقتضي السخرية والاستهزاء به، حيث يقول: إنه يأتي إلى الناس بصورة المجنون لئلا يعرف، وإن من أتاه شيئاً وأهدى إليه شيئاً فإنه يصبح غنياً، فإن هذا باطل من أبطل الباطل. أيضاً والمهم أنه يجب على المؤمن أن يعتقد بأن الخضر ليس بموجود؛ للدليلين اللذين أشرنا إليهما فيما سبق: أنه لو كان موجوداً لم يسعه إلا أن يأتي للنبي عليه الصلاة والسلام ويؤمن به ويتبعه، وأنه لو كان موجوداً لكان يموت قبل أن تأتي مائة السنة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.