للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من اليمن المستمع محمد عبد الله المستمع يسأل عن الهدية التي تهدى لرجل لك عنده معاملة ما حكم أخذ هذه الهدية وهناك حديث (تهادوا تحابوا) أرجو بهذا إفادة؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: الهدية لا شك أنها تجلب المودة والمحبة والإلفة بين الناس وهذا أمر يشهد به الواقع ولكن إذا تضمنت مفسدة أكبر من مصلحتها فإن القاعدة الشرعية تقتضي أن تكون حراماً ألا ترى إلى قول تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) ولما كان إثمهما أكبر من نفعهما حرمهما الله عز وجل فالهدية إذا تضمنت محظوراً صارت حراماً مثل أن تهدي إلى شخص موظف لدى الدولة وملزم بأن يقوم بعمل تلك المصلحة فتهدي إليه هدية ليقوم لك بالعمل الذي يقوم به بمقتضى وظيفته فإن الهدية هنا تكون حراماً لأن قبول الهدية حرام وما كان سبباً للحرام فهو حرام وفي الصحيح في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن اللتبية عاملاً على الصدقة فلما رجع قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وقال (هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (هدايا العمال غلول) فلا يحل لأحد قائماً على عمل بالدولة أن يقبل هدية من له عنده معاملة لأن ذلك شبيه بالرشوة بل هو في الحقيقة رشوة لأن هذا المهدي إنما أهدى ليتوصل إلى حقه الذي يجب على المهدى إليه أن يقوم به خلاصة الجواب أنه يجب على من كان قائماً على وظيفة من الوظائف أن يتقي الله في نفسه وأن يقوم بها على الوجه الذي تبرأ به الذمة وأن لا يمنع حقوق الناس من أجل أن يضطرهم إلى بذل المال له هذا من جهة المهدى إليه أما من جهة المهدي فإنه لا يحل له أن يهدي إلى أحد قائماً على عمل من أجل أن يقوم بما يلزمه من العمل نعم لو فرض أن حقك لا يمكن أن يستخلص إلا بشيء فهنا قد نقول إنه لا حرج عليك لأنك تريد استنقاذ حقك ولكن الحرج والإثم على الآخذ.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>