للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المستمع محمد نبيل الزرقاء مصري مقيم بحائل يقول احتجت في يوم ما إلى مبلغ من المال فأعطاني صديق ذهبا لكي أبيعه لسد حاجتي وطلب مني أن أرد له قدر وزن الذهب ذهبا آخر جديدا وأن أضيف للوزن عددا من الجرامات يعطيني قيمتها نقدا فمثلا أعطاني ذهبا مستعملا وزنه خمسين جراما على سبيل الدين وطلب مني أن أرد له هذا الوزن ذهبا جديدا وأن أضيف للوزن ثلاثين جراما وزنا جديدا وأعطيه قيمتها نقدا وقد اتفقت بدل أن أعطيه قيمتها نقدا أن ينقص قدرها من الذهب القديم فهل في مثل هذا التعامل إثم أم يجوز؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن القرض من الإحسان فإذا أقرض الإنسان شخصاً محتاجاً فإن في ذلك إحساناً إليه والله يحب المحسنين ولهذا كان مندوباً إليه ولكن يجب في هذا القرض أن يتمشى مع أحكام الشرع فإذا أقرضك شيئاً فإنك ترد مثله إذا أقرضك حُلياً ذهباً ترد مثله وإذا أقرضك ثوباً ترد مثله من غير زيادة في العدد ولا في الكيفية فإذا شرط عليك المقرض أن ترد أجود منه أو أكثر منه كان ذلك محرماً ورباً وذلك لأن القرض إرفاق وليس معاوضة وطمعاً فإذا عدل به عن جهة الإرفاق إلى جهة المعاوضة والطمع صار بيعاً ومعلوم أن بيع الذهب بالذهب لا يجوز إلا يداً بيد مثلاً بمثل وعلى هذا فإن ما صنعته مع صاحبك في استقراض الحلي بهذا الشرط محرم ولا يجب عليك الآن إلا أن ترد له مثلما أخذته منه والذي اشترط عليك من الزيادة يعتبر شرطاً لاغياً لا يجوز لك الوفاء به فضلا عن كونه يجب عليك الوفاء به فعليكما جميعاً أن تلتزما بما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق) فإذا كان هكذا فإن الواجب على المؤمن بالله ورسوله أن يتبع ما جاء به الشرع في عباداته ومعاملاته والخلاصة أنه إذا أعطاه هذا الذهب قرضا والمقترض هو الذي يبيعه لنفسه فإذن المقترض ثبت الآن في ذمته حلي ما ثبتت دراهم أما إذا كان هذا المقرض أعطاه هذا الذهب وقال خذ هذا بعه على ملكه هو فإذا بعته فقد أقرضتك ثمنه فمعنى هذا أنه اقترض الآن دراهم وليس ذهباً وحينئذٍ فيرد عليه مثل الدراهم التي باع بها هذا الحلي أما إذا كان أقرضه نفس الحلي فإنه يرد عليه مثل حليه بوزنها وكيفيتها إذا أمكن أو بأقل إذا رجا المقرض لأنه إذا أعطاه دون حقه دراهم هذا لا بأس به وهو خير أيضا.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>