للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول هذه السائلة نريد جواباً شافياً في حكم العدسات الملونة للزينة خاصة بأن النساء ابتلين بها فما حكم استعمال مثل هذه العدسات بالنسبة للنساء اللاتي يتزين لأزواجهن؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما إذا كانت عين المرأة مشوهة فلا حرج عليها أن تلبس عدسة تجعلها جميلة لأن هذا ليس من تغير خلق الله إذ أن هذه العدسة ليست ثابتة بل متى شاءت نزعتها ولا يمكن أن نلحقها بالوشم الذي لعن فاعله وأما إذا كانت العين سليمة لكن تريد زيادة الكمال فإننا نقول الأفضل ألا تفعل لما في ذلك من التعب وإضاعة المال في تحصيلها والتعب في تركيبها وإزالتها ولأنها ربما تضر العين ولهذا لابد من مراجعة الطبيب قبل اتخاذ أي خطوة في هذا السبيل وأما إذا كانت هذه العدسة على شكل عيون البهائم فهذه حرام لأن تشبه الإنسان بالحيوان معناه أنه أنزل مرتبته التي جعله الله فيها إلى مرتبة دون ولهذا لم يقع التشبيه بالحيوان إلا في مقام الذم قال الله تبارك وتعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (١٧٥) وَلَوْ شيءنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) فقال مثله كمثل الكلب ذماً وتقبيحاً وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه) شبهه بالكلب تحذيراً وتقبيحاً وقال تعالى في بني اسرائيل بل في اليهود خاصة (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً) فتجد أن تشبيه بني آدم بالحيوان إنما يكون في مقام الذم فإذا تشبه الإنسان بالحيوان في تركيب شيء في عينه فقد نَزَّلّ نفسه عن المرتبة التي جعله الله عليها والله تعالى يقول (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)

وعلى هذا فنقول في الجواب خلاصةً أولاً قبل كل شيء وقبل اتخاذ أي خطوة يسأل الطبيب هل هذا يضر العين أو لا إن كان يضرها فهو ممنوع لأنه لا يجوز للإنسان أن يتناول ما فيه ضرر بدنه لقول الله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) فإذا قال الطبيب إن الضرر منتفٍ نظرنا هل المرأة محتاجة لذلك لكون نظرها قاصراً فتحتاج إلى تقويته أو لكون عينها مشوهة فتحتاج إلى تجميلها فهذا لا بأس به فإذا لم يكن هناك حاجة نظرنا هل هذه العدسة ليست مشابهة لأعين البهائم فلا بأس بها لكن تركها أحسن لأن بقاء الشيء على طبيعته أولى ولأن في ذلك إضاعة مال وإضاعة وقت بعمل تركيبها وتنزيلها أم أنها أي هذه العدسة تجعل العين شبيهة بعين البهائم كعين الأرنب وما أشبه ذلك فهذه حرام لأن التشبيه بالبهائم لم يقع في نصوص الكتاب والسنة إلا في مقام الذم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>