[أخبركم بأنني محتاج جدا لشراء سيارة ولا أجد ما أشتري به فذهبت إلى أحد المصارف فقالوا نشتري لك هذه السيارة ولكن بعد أن توقع على التزامك بالشراء وبسداد المبلغ وعليه فوائد بأقساط شهرية وبعد ذلك نشتري لك السيارة فما الحكم في مثل هذه البيوع؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم في مثل هذه البيوع أنها حرام لأنها حيلة واضحة على الربا فإن البنك بدل أن يعطيك خمسين ألف ريال نقدا تشتري بها السيارة ويقسطها عليك بستين ألفا بدلا من هذا يقول اختر السيارة التي تريد ثم نشتريها لك ثم نبيعها عليك وهل هذا إلا حيلة على رب العالمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والمسائل المحرمة إذا تحيل الإنسان عليها بما ظاهره الإباحة صارت أعظم إثما من انتهاك المحرم صريحا لأن منتهك المحرم صريحا يشعر بأنه مذنب ويكون لديه خجل من الله عز وجل ويحاول أن يتوب أما المتحيل فيرى أنه على صواب ويبقى في تحيله وكأنه لم يفعل شيئا محرما وليعلم أن المتحيلين على محارم الله يشبهون اليهود كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) واليهود لما حرم عليهم الصيد يوم السبت أعني صيد السمك صار السمك يأتيهم يوم السبت بكثرة ولا يأتيهم في غير يوم السبت فطال عليهم الأمد فجعلوا شباكا يوم الجمعة فيأتي الحيتان يوم السبت ويسقط في هذا الشباك ثم يأتون يوم الأحد ويأخذونه فماذا كانت العقوبة قال الله تعالى (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) فجعلهم معتدين مع أن ظاهر حالهم أنهم لم يصيدوا يوم السبت لكن جعلهم الله معتدين ثم قلبهم إلى قردة لأن القرد أشبه ما يكون بالإنسان وكذلك الذين حرمت عليهم الشحوم فأذابوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيهم (قاتل الله اليهود إنه لما حرمت عليهم شحومها أذابوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها) هذه الحيلة التي ذكرها السائل في المبايعة أقرب إلى الربا الصريح من حيل اليهود فعلى المؤمن أن يتقي الله عز وجل وأن يعلم أن الأمور معتبرة بمعانيها لا بأشكالها وصورها.