فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يزوره وينصحه ويرغبه في صلة الرحم ويحذره من قطيعتها لعل الله يهديه على يده وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أمر مهم وهو هجر أهل المعاصي فهجر أهل المعاصي جائز إذا كان فيه مصلحة بحيث يدع العاصي المعصية إذا رأى الناس قد هجروه وأما إذا لم يكن فيه مصلحة بل ربما يزيد شر العاصي فإنه لا يجوز الهجر فوق ثلاثة أيام لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) وإنما قلنا ذلك لأن العاصي أخ لأخيه المستقيم ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى في آية القصاص (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) فجعل الله تعالى القاتل أخا للمقتول وقوله تعالى في آية القتال (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فسمى الله تعالى الطائفة المصلحة أخوة للطائفتين المقتتلتين مع أن قتال المؤمنين بعضهم بعضا من أعظم الكبائر حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سماه كفرا فقال (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) وخلاصة الكلام أن هجر أهل المعاصي إن كان فيه مصلحة وفائدة فهو مشروع وإلا فليس بمشروع.