للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المستمعة تقول في سؤالها في كلام الإنسان وحين مزحه مع أصدقائه وأحبابه يدخل شيء من الكذب للضحك هل هذا محظور في الإسلام؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هو محظور في الإسلام لأن الكذب كله محظور ويجب الحذر منه قال النبي عليه الصلاة والسلام (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي الى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباًَ) وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (ويل لمن كذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له) وعلى هذا فيجب الحذر من الكذب كله لا لأجل أن يضحك به القوم ولا مازحاً ولا جاداً وإذا عود الإنسان نفسه على الصدق وتحري الصدق صار صادقاًَ في ظاهره وفي باطنه ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام (ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً) ولا يخفى علينا جميعاً ما يحصل من نتائج الصدق فها هو كعب بن مالك وصاحباه هلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم صدقوا رسول الله صلى الله وسلم حين تخلفوا عن غزوة تبوك وأخبروه بأنه لا عذر لهم فماذا كان في حقهم كان أن نزلت آيات من كتاب الله فيها الثناء عليهم والأمر بالاقتداء بهم قال الله تعالى (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) فأفرد ذكر التوبة على هؤلاء مع أن القصة واحدة لما حصل منهم من الصدق العظيم (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) فحصل لهؤلاء الثلاثة النفر الذين صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نزلت فيهم هذه الآيات والآية الوسطى من هذه الآيات الثلاث نزلت فيهم خاصة في أن الله تعالى تاب عليهم ونوه بذكرهم في كتاب يتلى حتى في الصلوات والخطب إلى يوم القيامة فيا أخي المسلم عليك بالصدق وتحري الصدق فيما بينك وبين الله وفيما بينك وبين عباد الله وإياك والكذب فإن الكذب كما أخبر به النبي عليه السلام (يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) ولا تقل إنني أدخل السرور على الناس فيما آتي به من القصص الكاذبة ليضحكوا بذلك فإن مضرة هذا عظيمة عليك وعليهم أدخل عليهم السرور بما تعرف من القصص النافعة والواقعة التي تنفعهم بزيادة إيمانهم ورغبتهم في الخير مثل أن تذكر لهم ما تعرفه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ومن غير ذلك مما هو معلوم في الكتب المؤلفة في ذلك.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>