للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا سائل من القصيم يقول قرأت في أحد الكتب لابن القيم رحمه الله قصةً عن شابٍ من طلاب العلم نظر إلى أمرد فقال له الشيخ والله لتجدن أثر ذلك ولو بعد حين وبعد عشرين سنة قام ذات ليلة من نومه وقد أنسي القرآن فما تعليقكم على ذلك يا فضيلة الشيخ وهل يمكن أن ينسى الحافظ القرآن دفعةً واحدة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: إن مثل هذه القصص التي تذكر في الكتب تحتاج إلى سندٍ صحيح عمن نقلت عنه لأن كل خبر فلا بد له من سند فالخبر الذي يأتي بلا سند لا يقبل وابن القيم هل قال في كتابه الذي نقل منه السائل هذه القصة إنه باشر ذلك بنفسه وعلم ذلك بنفسه أو قال يحكى أو ما أشبه ذلك

وعلى كل حال فإذا صحت القضية فالظاهر أن السؤال فيه خطأ لأنه يقول نظر إلى أمرٍ ولعله يقول نظر إلى امرد لأن النظر إلى النساء يورث البلاء وكم من إنسان نظر نظرةً واحدة فأوقعت في قلبه ما لا يستطيع دفعه وأما كون الله تعالى ينسيه القرآن جملةً واحدة فإن الله على كل شيء قدير قد يمحو الله تعالى من حفيظته هذا القرآن وغيره مما حفظه وقد ورد في بعض الآثار أن القرآن يرفع من الأرض فيمحى من المصاحف وينسى من الصدور ولا تستغرب أيها الإنسان ما يجري من قضاء الله وقدره فإن الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير فالذي ينسي الجزء قادر على أن ينسي الكل وإن نصيحتي بهذه المناسبة أن يلتزم الإنسان طاعة الله سبحانه وتعالى في السر والعلن وأن يقوم بما أوجب الله عليه من حقوق الله وحقوق عباده فإن ذلك من أسباب قوة الحافظة وقلة النسيان كما قال الله تبارك وتعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) ويروى عن الشافعي أنه قال

شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نورٌ ونور الله لا يؤتاه عاصي

***

<<  <  ج: ص:  >  >>