للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول السائل ماتفسير الآية الكريمة (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) مع التمثيل لكلٍ من الآيات المحكمات والمتشابهات؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) قسم الله تبارك وتعالى القرآن الكريم إلى قسمين محكم ومتشابه والمراد بالمحكم هنا الواضح البين الذي لا يخفى على أحدٍ معناه مثل السماء والأرض والنجوم والجبال والشجر والدواب وما أشبهها هذا محكم لأنه لا اشتباه في معناه وأما المتشابهات فهي الآيات التي يشتبه معناها ويخفى على أكثر الناس ولا يعرفها إلا الراسخون في العلم مثل بعض الآيات المجملة التي ليس فيها تفصيل فتفصلها السنة مثل قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فإن إقامة الصلاة غير معلومة والمعلوم من هذه الآية وجوب إقامة الصلاة فقط لكن كيف الإقامة هذا يعرف من دليل آخر والحكمة من أن القرآن نزل على هذين الوجهين الابتلاء والامتحان لأن من في قلبه زيغ يتبع المتشابه فيبقى في حيرةٍ من أمره وأما الراسخون في العلم فإنهم يؤمنون به كله متشابهه ومحكمه ويعلمون أنه من عند الله وأنه لا تناقض فيه ومن أمثلة المتشابه قول الله تبارك وتعالى (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) مع قوله (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) فيأتي الإنسان ويقول هذا متناقض كيف يقولون (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) ثم يقال عنهم إنهم (لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) فيضرب الآيات بعضها ببعض ليوقع الناس في حيرة لكن الراسخين في العلم يقولون كله من عند الله ولا تناقض في كلام الله ويقولون إن يوم القيامة يومٌ مقداره خمسون ألف سنة فتتغير الأحوال وتتبدل فتنزل هذه على حال وهذه على حال.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>