يقول السائل عبد الرحمن السيف إن بعض الناس يجيء إلى المسجد ويضع نعاله أو عصاه أو أي حاجة ليحمي له محلاً في الصف الأول لا سيما في يوم الجمعة فهل هذا جائز أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الجواب على هذا السؤال أحب أن نقول إن التقدم في الصف الأول فالأول هو المشروع الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته وحثهم على ذلك وقال (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) أي العقول البالغون ولكن المقصود من التقدم هو تقدم الإنسان بنفسه إلى المسجد حتى يحصل على فضيلة التقدم ثم من المهم أيضاً أن يحرص الناس على تكميل الصف الأول فالأول فإن الإنسان إذا أكمل الصف الأول فالأول صار كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم عن الملائكة وهي تصف عند الله عز وجل ومن المهم أيضاً في هذا المقام تسوية الصفوف بمحاذاة المناكب والأكعب وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تسويتها حتى خرج ذات يوم وقد عقل الصحابة عنه ذلك فرأى رجلاً بادياً صدره فقال صلى الله عليه وسلم (عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) أي بين قلوبكم ووجهات نظركم وهذا وعيد شديد فيمن لم يسوِ الصفوف ومن المهم أيضاً في هذا الباب التراص بحيث لا يكون في الصف خلل وفرج فإن الشياطين تدخل من بين المصلىن إذا كان في الصف خلل وفرج وكل هذه الأمور يخل بها الناس وذلك لقلة الوعي وقلة الإرشاد وقلة ملاحظة الأئمة ذلك فإن كثيراً من الأئمة نسأل الله لنا ولهم الهداية لا يعدو أن يكرر كلمة عابرة بقوله استووا اعتدلوا استقيموا وما أشبه ذلك من غير أن يتفقد الصف بنظره ويسويه تسوية حقيقية إذا رأى متقدماً قال تأخر أو متأخراً قال تقدم ومن غير أن ينظر إلى إتمام الناس للصف الأول فالأول ومن أجل هذا صارت هذه الكلمة لا تحرك في المأمومين ساكناً ولا تهمهم وكأنها كلمة تقال حتى أني بلغني أن رجلاً أراد أن يصلى بشخص وليس معهما سواهما فلما أقيمت الصلاة التفت هذا الرجل وقال استووا اعتدلوا مع أنه ليس وراءه أحد لكنها كانت كلمة تقال ومن هذا أيضاً أنه إذا كان إمام ومأموم ليس معهما غيرهما فإن السنة أن يقف المأموم على يمين الإمام وأن يكون محاذياً له لا متأخراً عنه خلافاً لما يفهمه بعض الناس من أنه ينبغي أن يتأخر المأموم عن الإمام قليلاً فيما إذا كان اثنين وليس هذا بصواب لأنهما إذا كان اثنين صارا صفاً والصف ينبغي فيه التسوية هذه الأمور نبهت عليها وإن لم ترد في سؤال الأخ عبد الرحمن لإنها مهمة جداً وأول من يخاطب بها في الحقيقة الإمام أما بالنسبة لوضع العصا والحذاء وما أشبهها في مكان الإنسان فهذا إن كان الإنسان يضعها ثم يخرج إلى بيته أو إلى سوقه ويبقى إلى قرب الصلاة ثم يأتي فهذا محرم عليه ولا يجوز له لأن الأماكن المعدة للعبادة إنما هي لمن سبق بنفسه ولهذا يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له ألا نبني لك يعني خيمة في منى فقال صلى الله عليه وسلم (منى مناخ من سبق) فدل هذا على أن الأماكن المعدة للعبادة الناس فيها سواء ولا يجوز لأحد أن يحتجر منها شيئاً أما إذا كان الذي وضع العصا أو الحذاء أو المنديل أو السجادة موجود في المسجد لكنه يحب أن يبتعد لأجل أن يراجع كتاباً أو يدرس أو يقرأ أو يصلى ثم إذا رأى أن الصفوف قد وصلت إلى مكانه تقدم إليه وجلس فيه فإن هذا لا بأس به ولكن يُلاحظ الحذر من فعل بعض الناس في هذه الحال فإنه يضع حذاءه أو عصاه في هذا المكان ويذهب في ناحية من المسجد ويتأخر إلى قرب مجيء الإمام بحيث لما يجيء إلى مكانه يتخطى رقاب الناس وهذا أمر يجب الحذر منه لأنه أذية فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتخطى رقاب الناس فقال (اجلس فقد آذيت) إذاً خلاصة الجواب أن نقول إن وضع الإنسان هذه الأشياء وهو في المسجد فلا حرج عليه لكنه يجب أن يُلاحظ عدم تخطي الناس وإن كان وضعها وخرج فإن ذلك لا يجوز.