للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو عبد العزيز يقول في رسالته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخبركم يا فضيلة الشيخ أنني أحبكم في الله وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياكم في الفردوس الأعلى من الجنة فضيلة الشيخ سقط في الطريق قطعتان من الموكيت المستعمل من أحد المارة فقام عمال الشارع وأخذوا قطعة وأخذت الأخرى وقاموا بوضعها على الرصيف والتي معي وضعتها في المحل - الدكان - وهي سقطت في الساعة الخامسة والنصف مساءً تقريباً حتى المغرب ولم يحضر صاحبها وفي اليوم الثاني قمت بإخراجها حول المحل وبشكلٍ واضح لكي يتعرف عليها صاحبها ولم أجد أحداً يسأل عنها أكثر من أسبوع وأنا أخرجها كل يوم حتى المغرب وبعد ذلك قمت بإدخالها في المحل هل استعملها أم أدفع ثمنها وأنويها صدقة لصاحب هذه القطعة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: فعلى موجه السؤال السلام ورحمة الله وبركاته واسأل الله تعالى أن يحبه كما أحبني فيه وأقول له إنه إذا سقط من سيارة شيء فإن كان لا يؤبه له ولم يستطع العثور على صاحب السيارة فهو له أي لواجده كما لو سقط شيء يساوي ريالين أو ثلاثة أو عشرة فإننا في هذا الوقت الحاضر لا نأبه إذا ضاعت العشرة ونحوها من الفلوس وربما يكون في زمنٍ مضى ربما يكون العشرة يؤبه لها وتطلب ويسأل عنها لكن في زماننا هذا ولله الحمد ولكثرة ما في أيدي الناس من النقود صارت العشرة ونحوها لا يؤبه لها فإذا كان لا يساوي العشرة ولم تتمكن من معرفة صاحبها فهي لك ومع هذا لو تبرعت وتصدقت بها إن كانت مما يتصدق به أو قومتها بدراهم وتصدقت بالدراهم وأبقيتها هي عندك لكان هذا أحسن من تملكها بلا عوض وأما إذا كنت تعلم صاحب السيارة فإن الواجب عليك أن تخبره بها ولو كانت قليلة فلو سقط من صاحب السيارة مفتاح لا يساوي ريالين وأنت تعلم صاحب هذه السيارة فإن الواجب عليك إيصاله إليه أو إخباره بذلك بأنه سقط منك هذا المفتاح وهو عندي لأنه يفرق بين المعلوم وبين المجهول وأما إذا كان الساقط من السيارة شيئاً يؤبه له وتتبعه همة أوساط الناس فإن الواجب عليك أن تعرفه سنةً كاملة بمعنى أن تبحث عن صاحبه سنةً كاملة فإن جاء صاحبه فهو له وإن لم يأتِ فهو لك وهكذا يقال أيضاً فيما نجده في الأسواق من اللقط فإن الشيء الزهيد الذي لا يساوي إلا شيئاً لا تتبعه همة أوساط الناس يكون لواجده لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى تمرة في السوق وقال (لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها) وأما إذا كان شيئاً تتبعه همة أوساط الناس ويبحث عنه الرجل الذي ضاع منه فإنه لا بد من تعريفه أي طلب صاحبه والسؤال عنه لمدة سنةٍ كاملة فإن جاء صاحبه وإلا فهو لواجده فأنت انظر إلى هذا الموكيت الذي وجدته فإذا كان لا يساوي إلا شيئاً يسيراً زهيداً فهو لك إذا تعذر عليك معرفة صاحب السيارة مع أن الأولى كما قلت أن تقوِّمه وتتصدق بثمنه لصاحبه أو تتصدق به على أحدٍ ينتفع به أما إذا كان مما يؤبه له وتتبعه همة أوساط الناس فلا بد من تعريفه لمدة سنةٍ كاملة لعل صاحبه يجده فإن لم يوجد فهو لك ومع هذا فنقول في هذه الحال الأولى أن تتصدق بقيمته عن صاحبه أو تتصدق به هو إذا كان مما ينتفع به. وإنما جعلنا الأولى أن يتصدق به أو يقومه فيتصدق بقيمته لأنه في الحقيقة ليس لقطةً محضة وليس معلوماً عين صاحبه فهو بين بين ولذلك نقول الأحوط والأولى أن يتصدق به أو يتصدق بقيمته ويتملكه.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>