للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استيقظت من نومي في الفجر وتوضئت وصليت الفجر وبعد الضحى رأيت على ملابسي الداخلية آثاراً للاحتلام مع العلم أني قد صلىت الفجر هل أعيد ما صلىت بعد أن عرفت ذلك أفيدونا وفقكم الله بما فيه الخير والصلاح للمسلمين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: يجب عليك قضاء صلاة الفجر التي صلىتها بدون طهارة وكذلك يسن لك قضاء سنتها أيضاً فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حين فاتته صلاة الفجر لما ناموا عنها قضى الراتبة ثم صلاة الفريضة، وها هنا مسألة بهذه المناسبة يجب أن نتفطن لها وهي كل من صلى بغير طهارة سواء كان بغير وضوء أو بغير غسل، سواء كان ناسياً أم جاهلاً يجب عليه قضاء الصلاة التي صلاها بدون هذه الطهارة فلو أكل الإنسان لحماً وهو لا يدري أنه لحم إبل ثم صلى ثم تبين له بعد صلاته أنه لحم إبل وجب عليه قضاء الصلاة التي صلاها بعد أكل اللحم، وكذلك لو نسى أنه أحدث فصلى ثم ذكر أنه كان محدثاً حين صلاته وجب عليه قضاء الصلاة التي صلاها بدون طهارة، هذا بالنسبة للطهارة، طهارة الحدث، أما طهارة النجاسة فإن الإنسان إذا كان ناسياً أو جاهلاً فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه مثال ذلك رجل صلى وفي ثوبه نجاسة ولكنه لم يعلم عنها إلا بعد انتهاء صلاته فصلاته صحيحة، أو رجل آخر كان في ثوبه نجاسة ونسى أن يغسلها وصلى في ثوبه، ثم بعد أن صلى ذكر أنه لم يغسل النجاسة فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، لأنه يفرق بين طهارة الحدث وطهارة الخبث فإن طهارة الحدث من باب فعل المأمور الذي لا تتم العبادة إلا بوجوده فهو شرط إيجابي وجودي، وأما الطهارة من الخبث فهي من باب ترك المحظور لأنه شرط سلبي عدمي، أي يشترط إزالته لا إيجاده وما كان من باب فعل المحظور فإنه يعفى عنه بالجهل والنسيان، وفي قصة خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعاله أثناء صلاته حين أخبره جبريل أن فيهما أذى دليل على تقرير هذه القاعدة التي ذكرناها، وهي: الفرق بين فعل المأمور وترك المحظور فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبره جبريل بأن في نعليه أذىً خلعهما واستمر في صلاته ولم يستأنفها، فدل ذلك على أن فعل المحظور إذا كان الإنسان ناسياً أو جاهلاً لا حرج عليه فيه، وعليه أيضاً لو ذكر الإنسان في أثناء الصلاة أن في ثوبه نجاسة فإن كان يمكنه أن يخلع هذا الثوب ويستمر في صلاته مثل أن يكون عليه ثياب أخرى سواه فيخلعه لأنه الأعلى من الثياب ويستمر في صلاته فهذا هو الواجب عليه، وإن كان لا يمكنه خلعه لكونه ليس عليه ثوب سواه فإنه ينصرف من صلاته، لأن صلاته لا تصح إذا علم النجاسة وهو في أثنائها.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>