[أحسن الله إليكم السائل من الجزائر يقول وضحوا لنا حكم الأضحية وما شروطها وهل هي للأموات فقط؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: الأضحية سنة مؤكدة وقال بعض العلماء إنها واجبة ولكل قوم دليل استدلوا به والاحتياط ألا يدعها الغني الذي أغناه الله تبارك وتعالى وأن يجعلها من نعمة الله عليه حيث شارك الحجاج في شيء من النسك فإن الحجاج في أيام العيد يذبحون هداياهم وأهل الأمصار يذبحون ضحاياهم فمن رحمة الله تبارك وتعالى أن شرع لأهل الأمصار أن يضحوا في أيام الأضحية ليشاركوا الحجاج في شيء من النسك ولهذا نقول القادر عليها لا ينبغي أن يدعها ثم الأضحية ليست للأموات الأضحية للأحياء وليست بسنة للأموات ودليل ذلك أن الشرع إنما يأتي من عند الله ورسوله والذي جاءت به السنة هي الأضحية عن الأحياء فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مات له أقارب ولم يضح عنهم وكل أولاده توفوا قبله إلا فاطمة رضي الله عنها ومنهم من بلغ الحلم ومنهم من لم يبلغ الحلم فأبناؤه ماتوا قبل أن يبلغوا الحلم وبناته متن بعد أن بلغن الحلم إلا فاطمة فقد بقيت بعده رضي الله عنها وأيضا مات له زوجتان خديجة وزينب بنت خزيمة ولم يضح عنهما واستشهد عمه حمزة بن عبد المطلب ولم يضح عنه فهو لم يشرع الأضحية عن الميت بنفسه ولم يدعُ أمته إلى ذلك وعلى هذا فنقول ليس من السنة أن يضحي عن الميت لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا علمتُه وارداً عن الصحابة أيضا نعم إذا أوصى الميت أن يضحي عنه فهنا تتبع وصيته ويضحي عنه اتباعاً لوصيته وكذلك إذا دخل الميت مع الأحياء ضمناً كأن يضحي الإنسان عنه وعن أهل بيته وينوي بذلك الأحياء والأموات وأما أن يفرد الميت بأضحية من عنده فهذا ليس من السنة.
أما الأضحية نفسها فلها شروط منها ما يتعلق بالوقت ومنها ما يتعلق بنفس الأضحية أما الوقت فإن الأضحية لها وقت محدد لا تنفع قبله ولا بعده ووقتها من فراغ صلاة العيد إلى مغيب الشمس ليلة الثالث عشر فتكون الأيام أربعة هي يوم العيد وثلاثة أيام بعده فمن ضحى في هذه المدة ليلاً أو نهاراً فأضحيته صحيحة من حيث الوقت وأما شروطها بنفسها فيشترط فيها: أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها فمن ضحى بشيء غير بهيمة الأنعام لم تقبل منه مثل أن يضحي الإنسان بفرس أو بغزال أو بنعامة فإن ذلك لا يقبل منه لأن الأضحية إنما وردت في بهيمة الأنعام والأضحية عبادة وشرع، لا يشرع منها ولا يتعبد لله بشيء منها إلا بما جاء به الشرع لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أي مردود.
الشرط الثاني في الأضحية أن تبلغ السن المعتبرة شرعا وهو في الضأن ستة أشهر وفي الماعز سنة وفي البقر سنتان وفي الإبل خمس سنوات فمن ضحى بما دون ذلك فلا أضحية له لو ضحى بشيء من الضأن له خمسة أشهر لم تصح الأضحية به أو بشيء من الماعز له عشرة أشهر لم تصح التضحية به أو بشيء من البقر له سنة وعشرة أشهر لم تصح الأضحية به أو بشيء من الإبل له أربع سنين وستة أشهر لم تصح الأضحية به لابد أن يبلغ السن المعتبر دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تذبحوا إلا مسنة يعني ثنية إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) . الشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الأجزاء وهي أربعة أجاب بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل ماذا يتقى من الضحايا؟ فقال (أربع العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين عرجها والعجفاء التي لا تنقي) أي ليس فيها مخ لهزالها وضعفها وما كان مثل هذه العيوب أو أشد فهو بمعناها له حكمها فهذه ثلاثة شروط عائدة إلى ذات الأضحية.
أما كيف توزع فقد قال الله تعالى (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) وقال سبحانه: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) فيأكل الإنسان منها ويتصدق منها على الفقراء ويهدي منها للأغنياء تألفاً وتحببا حتى يجتمع في الأضحية ثلاثة أمور مقصودة شرعية:
الأمر الأول: التمتع بنعمة الله وذلك في الأكل منها.
الأمر الثاني: رجاء ثواب الله وذلك بالصدقة منها.
الأمر الثالث: التودد إلى عباد الله وذلك بالهدية منها وهذه معان جليلة مقصودة للشرع ولهذا استحب بعض العلماء أن تكون أثلاثا فثلث يأكله وثلث يتصدق به وثلث يهديه.