فأجاب رحمه الله تعالى: موقف المسلم من هذه النعم هو ما أشرنا إليه قبل قليل أن يستعين بها على طاعة الله وأن يشكر الله سبحانه وتعالى على تسخيره وتيسيره وألا يتجاوز بها الحد في الإسراف بالتنعم فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كثرة الإرفاه لأن كثرة الإرفاه توجب انشغال النفس بالاهتمام بتنعيم البدن دون القيام بما خُلِقَ له العبد من عبادة الله سبحانه وتعالى.
فضيلة الشيخ: يقول ما خطر هذا الترفيه على مستقبل المسلمين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: خطر هذا الترفيه ولا سيما إذا تجاوز الحد في رأيي أنه شديد وذلك أنه إذا انقطعت أسبابه فستكون النتيجة رد فعل عظيما بالغا لأن الناس اعتادوا على هذا الترفه وهذا التنعم فإذا فقد منهم نسأل الله السلامة فإنه يحصل عليهم بذلك مشقة شديدة لأن من اعتاد على شيء ثم فقده صار له أثر بالغ في نفسه بخلاف من لم يعتده من قبل وزوال هذا الترفه وهذا التنعم ليس ببعيد إذا استعان الناس بهذا على معصية الله تعالى والغفلة عن طاعته لأن الله يقول (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) ويقول سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ويقول سبحانه وتعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) فهذه النعم إذا شكرها العبد واستعان بها على طاعة الله سبحانه وتعالى وعرف بها نعمة ربه وآلاءه ورحمته ازدادت بوعد الله سبحانه وتعالى وإن كفرها فإنها تنتزع منه وتنتزع بركتها كما ذكرنا ما يدل عليه من الآيات الثلاث وعلى هذا فإنه يخشى إذا زالت هذه النعم بعد الانغماس في الترف والتنعم بها أن يكون لها أثر بالغ في المشقة والنكد والحزن والأسى نسأل الله السلامة.