للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستمع ص. ي. ن. من الأردن بعث برسالة يقول فيها بأنه شاب يبلغ الخامسة والعشرين من العمر والدي ووالدتي في خصام مستمر طول أيامهما إن بررت الأول غضب ونفر الثاني وإن بررت الثاني غضب الأول واتهمني بالعقوق ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ لكي أبرهما وهل أعتبر عاقاً بالنسبة لأمي بمجرد أنني بررت بأبي أو العكس نرجو من فضيلة الشيخ إجابة مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الإجابة على هذا أن نقول إن بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر لقول الله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) وقوله تعالى (أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) ، والأحاديث في هذا كثيرة جداً فالواجب على المرء أن يبر والديه كليهما الأم والأب يبرهما بالمال والبدن والجاه وبكل ما يستطيع من البر حتى إن الله تعالى قال في سورة لقمان (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) فأمر بمصاحبة هذين الوالدين المشركين الذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك أمر ولدهما وهم أعداء الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفا وإذا كان كذلك فالواجب عليك نحو والديك الذين ذكرت أنهما في خصام دائم وأن كل واحد منهما يغضب عليك إذا بررت الآخر أمران:

الأمر الأول بالنسبة للخصام الواقع بينهما أن تحاول الإصلاح بينهما ما استطعت حتى يزول ما بينهما من الخصام والعداوة والبغضاء لأن كل واحد من الزوجين يجب عليه للآخر حقوق لابد أن يقوم بها ومن بر والديك أن تحاول إزالة هذه الخصومات حتى يبقى الجو صافياً وتكون الحياة سعيدة.

الأمر الثاني الواجب عليك نحوهما أن تقوم ببر كل واحد منهما وبإمكانك أن تتلافى غضب الآخر إذا بررت صاحبه بإخفاء البر عنه فتبر أمك بأمر لا يطلع عليه والدك وتبر والدك بأمر لا تطلع عليه أمك وبهذا يحصل المطلوب ويزول المرهوب، ولا ينبغي أن ترضى ببقاء والديك على هذا النزاع وهذه الخصومة ولا على هذا الغضب إذا بررت الآخر والواجب عليك أن تبين لكل واحد منهما أن بر صاحبه لا يعني قطيعة الآخر بل كل واحد منهما له من البر ما أمر الله به ورسوله.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>