[السائلة من الأردن تقول أرجو من فضيلة الشيخ أن يعلمني الطريقة المناسبة للدعاء وهل هو في يوم الجمعة فقط وهل في يوم الجمعة ساعة مستجابة؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: الدعاء عبادة من العبادات لقول الله تبارك وتعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) ومن دعا الله عز وجل فهو غانم على كل حال لأن مجرد الدعاء عبادة ثم إن الدعاء لا يشترط لإجابته ساعة معينة بل الله تعالى أطلق فقال (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وقال تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي) لكن هناك حالات تكون أقرب إلى الإجابة وأوقات تكون أقرب إلى الإجابة وربما أمكنة تكون أقرب إلى الإجابة أما الحالات التي تكون أقرب إلى الإجابة فهي حال المضطر فإن الله تعالى يجيب دعوة المضطر ولو كان كافراً لقول الله تعالى (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) وقوله تعالى (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ) ومنها حال الظلم فإن المظلوم تجاب دعوته لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ابن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن بما أوصاه به من شرائع الدين فقال له (واتقِ دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ومنها كون الإنسان ساجدا في صلاته فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وهناك أزمنة ترجى فيها الإجابة كآخر الليل فإن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول (من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) وكذلك (في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه) وأقرب ما تكون هذه الساعة هي ما بين أن يخرج الإمام إلى أن تقضى الصلاة ثم ما بعد العصر ومنها أي من الأزمنة التي ترجى فيها الإجابة ما بين الأذان والإقامة فإن الدعاء ما بين الأذان والإقامة لا يرد وأما الأمكنة فالظاهر أن الدعاء في المساجد أقرب إلى الإجابة من الدعاء في غير المساجد لا سيما في المساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى لكن للدعاء شروط منها أكل الحلال فإن أكل الحرام مظنة رد الدعاء (لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستجاب لهذا الرجل لأنه كان يأكل ويشرب الحرام ويتغذى به ومن الشروط أن يخلص في الدعاء فيدعو الله عز وجل بعزم وثبات وإيقان بالإجابة إلا لسبب وأما أن يدعو دعاء المستغني الذي لا يبالي أُجيب أم لم يجب فإن إجابته بعيدة ثم إن للدعاء آداب فمن آداب الدعاء أن يرفع يديه إلا في المواضع التي لم يرد فيها رفع اليدين إما صريحا وإما ظاهرا فالأفضل ألا يرفع يديه فمثلا الدعاء في التشهد لا ترفع فيه الأيدي والدعاء في خطبة الجمعة لا ترفع فيه الأيدي إلا في الاستسقاء أو في الاستصحاء ودعاء الاستفتاح اللهم باعد بيني وبين خطاياي لا ترفع فيه الأيدي والاستغفار بعد الصلاة لا ترفع فيه الأيدي والمهم أن من آداب الدعاء أن يرفع الإنسان يديه إلا إذا وردت السنة صريحا أو ظاهرا بعدم الرفع فلا ترفع الأيدي ومن آداب الدعاء أن يبدأه بالحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليعلم أن الله لا يقبل الدعاء بإثم ولا بقطيعة رحم ولا بظلم فلو دعا الإنسان دعاء يأثم به فلن يستجيب الله عز وجل له ولو دعا الله تعالى بقطيعة رحم فلن يستجيب الله عز وجل له ولو دعا الله بظلم بأن دعا على شخص بغير سبب يبيح له الدعاء عليه فإن الله لا يستجيب له لأن الدعاء حينئذٍ ظلم وقد قال الله تعالى (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) .