إني شاهدت إنساناً يلقط التباسي وفناجيل وبطاطين وجميع ما يخلفه الحجاج في منى وعرفات هل هذا جائز أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الذي يلتقط ما بقي من الحجاج إذا كان الحجاج قد تركوه رغبة عنه فإنه لآخذه من أخذه ملكه لأن صاحبه تركه فليس ملكاً لأحد وأما إذا كان هذا المخلف تركه الحاج ناسياً فإنه لا يجوز أخذه إلا على وجهين أحدهما أن يكون الأخذ من قبل الدولة لحفظه لأهله أو لتتصرف فيه بما تراه على حسب ما تقتضيه الشريعة أو إنسان آخر يأخذه لينشده دائماً فإن لقطة الحرم لا تحل إلا لمنشد لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مكة (لا تحل ساقطتها إلا لمنشد) أي إلا لمعرف بها مدى الدهر وليست لقطة الحرم كغيرها تملك بعد سنة لأن لقطة الحرم لها من الحرمة ما ليس لغيرها ومن المعلوم أنه إذا كان الملتقط في الحرم لا يحل له الالتقاط إلا إذا كان يعرفها دائماً فإن أحداً لا يمكن أن يلتقطها فيشغل نفسه وذمته بها فإذا تركها ثم جاء الآخر وتركها والثالث الرابع وتركها بقيت في مكانها فعاد إليها صاحبها فوجدها وهذه هي الحكمة من هذا الحُكْم الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تحل ساقطتها إلا لمنشد) حتى تبقى الأموال محترمة في أماكنها فيأتيها أهلها فيجدوها.
فضيلة الشيخ: لكن بالنسبة للوضع الحالي لو ترك هذا الذي يريد أن يستفيد بها لأتتها أمانة مكة المكرمة وذهبت بها إلى أمكنة إما للإحراق أو للدفن ومعروف أن عمال النظافة لم يخزنوا مثل هذه الأشياء وتضيع على المسلمين عامة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نقول كما ذكرنا أنها لا تؤخذ إلا على وجهين الوجه الأول من قبل الدولة والدولة هنا تتصرف فيها على حسب ما تقتضيه الشريعة فمثلاً إذا كانت هذه المخلفات التي تأخذها الأمانة مما يمكن الانتفاع به فإنه لا يجوز إتلافه بل الواجب حفظه ويباع ويصرف في مصالح المسلمين أو يعطى لمن ينتفع به من الفقراء أما إذا كان لا يمكن الانتفاع به كما لو فرض أن المخلف نعلاً واحدة من نعليه فهنا لا يمكن الانتفاع به ويحرق أو يدفن فالمهم أن المسؤول عن هذا الأمر من قبل الدولة يجب عليه ألا يضيع المال بل إذا كان مما يمكن الانتفاع به فإنه يباع ويصرف ثمنه في المصلحة العامة أو حسب ما يقتضيه نظر ولي الأمر.
فضيلة الشيخ: وغالباً الحجاج على ما عرفنا من مشاهدتهم وكثرة أيضاً الاختلاط بهم أنهم يتركون هذه الحاجات لأنها لا تساوي قيمة نقلها إلى بلدانهم وعموماً أنهم سينقلونها على أظهرهم وعلى أكتافهم فهم يتركونها لهذا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: على كل حال إذا تركوها رغبة عنها فقد ذكرنا أنه يجوز لمن وجدها أن يأخذها وتكون ملكاً له.