فأجاب رحمه الله تعالى: قول السائل وقت المغرب ظاهره أنه بعد أذان المغرب وإذا كان كذلك فإن الجالس عاصٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين) وهنا دخل المسجد في غير وقت نهي فإذا جلس فقد عصى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر لا معارض له أما إن كان مراد السائل من حضر لصلاة المغرب قبل غروب الشمس وجلس فإن هذا أمر مختلف فيه بين أهل العلم بناء على أن الحديث الذي ذكرنا (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين) له معارض وهو نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس فيرى بعض العلماء أن من دخل المسجد وقت العصر فإنه يجلس ولا يصلى تحية المسجد ولكن الراجح أنه يصلى تحية المسجد ولو دخل بعد العصر ولو دخل قبيل الغروب لعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين) بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل رجل وهو يخطب يوم الجمعة فجلس فقال (أصلىت قال لا قال قم فصلِ ركعتين وتجوز فيهما) فإذا كان الإنسان مأمورا حتى في حال الخطبة التي يجب الإنصات لها ألا يجلس حتى يصلى فما بالك بما إذا دخل في غير هذه الحال ثم إن حديث (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين) هو حديث محكم لم يخصص بل عمومه محفوظ وأما حديث النهي عن الصلاة بعد العصر فإنه حديث مخصوص بأشياء يقر بها من منع تحية المسجد في هذا الوقت فإذا كان مخصوصاً بأحاديث أو بأحوال معينة دل على أنه عام غير محفوظ والعام غير المحفوظ اختلف الأصوليون هل يبقى عمومه حجة أو لا والصحيح أنه يبقى حجة فيما عدا التخصيص ولكن عمومه يكون ضعيفاً بخلاف العام المحفوظ وعلى كل حال القول الراجح في مسألة الصلاة في أوقات النهي أن كل صلاة لها سبب كدخول المسجد وسنة الوضوء والاستخارة فيما يفوت قبل خروج وقت النهي وغير ذلك فإنه ليس عنها نهي وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ومذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد.