جمال علي يقول في رسالته إنني كنت أعمل عملاً شاقاً جداً ولم أستطع أن استمر فيه فبدأت أبحث عن عملٍ آخر أخف مشقة ولم أجد إلا عملاً في شركة لصنع الدخان أو السجائر وأنا الآن أعمل بها منذ بضعة شهور مع العلم بأنني لا أشرب السجائر ولا أي نوع من أنواع الدخان والسؤال هو ما حكم الأجر الذي أتقاضاه مقابل هذا العمل هل هو حلال أم حرام مع العلم أنني مخلص في عملي والحمد لله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لك أن تعمل في هذه الشركة التي تصنع السجائر وذلك لأن صنع السجائر والاتجار بها بيعاً وشراء محرم والعمل في الشركة التي تصنعه إعانة على هذا المحرم وقد قال الله تعالى في كتابه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) فبقاؤك في هذه الشركة محرم والأجرة التي تكتسبها بعملك محرمة أيضاً وعليك أن تتوب إلى الله وأن تدع العمل في هذه الشركة والأجرة اليسيرة الحلال خير من الأجرة الكثيرة الحرام لأن الرجل إذا اكتسب مالاً حراماً لم يبارك الله له فيه وإن تصدق به لم يقبله الله منه وإن خلفه بعده كان عليه غرمه ولورثته من بعده غنمه واعلم أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام قال النبي صلى الله عليه وسلم فأنى يستجاب لذلك) فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب للرجل الذي قام بأسباب إجابة الدعاء وذلك لأن مطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فإذا كان هذا الداعي مع وجود أسباب إجابة الدعوة يبعد أن يستجيب الله له لكون هذه الأمور حراماً في حقه فإنه يوجب للإنسان العاقل الحذر من أكل الحرام (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) فنصيحتي لك أيها الأخ أن تتقي الله عز وجل وأن تخرج من هذه الشركة وأن تطلب رزقاً حلالاًَ ليبارك الله لك فيه.