هذا السائل أحمد من القاهرة يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ أنا طالبٌ في السنة النهائية بكلية الطب البشري ولكنني لم أحضر الامتحانات لمدة عامين وذلك لأنني في الأصل التحقت بهذه الكلية بناءً على رغبة والديّ فهما يريدان مني أن أصبح طبيباً ولكنني لا أحب هذه المهنة وكنت أجد صعوبة بالغة في الدراسة والحفظ وكنت دائماً مكتئباً وحزيناً وأنا أرى المرضى والموتى ولكنني كنت أجاهد نفسي وأغصبها على الدراسة إرضاءً لوالدي وبراً بهما مستعيناً بالله عز وجل في ذلك إلى أن وصل الأمر إلى نهايته في السنة الخامسة فأصبت بحالة اكتئابٍ شديد ويأسٍ من الحياة ولم أعد أستطيع المواصلة ولم أعد قادراً على المذاكرة والنظر في الكتب والمذكرات ولكنني كنت أخفي على والديّ ذلك ولم أستطع دخول الامتحانات ولكنني لم أستطع كذلك أن أخبرهم بأنني لم أدخل الامتحانات وذلك خوفاً على صحتهما ولكي لا أكون سبباً في حزنهما اضطررت إلى الكذب عليهما وأخبرتهما بأنني دخلت الامتحانات ونجحت فيها وأنا الآن أقضي سنة التدريب السؤال يا فضيلة الشيخ أنا أعيش في حالة حزنٍ واكتئاب وغير راضٍ عن نفسي في هذا الكذب الذي أردت به أن أبر والدي وأدخل السرور عليهما فهل أخبرهم بالحقيقة مع ما يترتب عليه من ضررٍ لهما وحزن وفجيعة وهل من كلمة إلى أولياء الأمور بأن يتفهموا قدرات أبنائهم وأن لا يجبروهم على دراسةٍ بعينها؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أقول بارك الله تعالى في هذا الولد وجعله باراً بوالديه وهو نيته طيبة لكن عمله سيئ أما نيته فإنه كذب على والديه درءاً لما قد يحصل لهما من المرض أو الاكتئاب أو نحو ذلك ولإدخال السرور عليهما وهذا حسن لكن كذبه سيئ بلا شك فعليه أن يتوب إلى الله تعالى من هذه الكذبة ولا يعود ولا حاجة لأن يخبر بوالديه بالواقع ما دام الأمر قد فات فليجعله على ما هو عليه وليحاول بقدر الاستطاعة أن يتم دراسته فلعل الله تعالى يجعل فيها بركة حيث قام بها إرضاءً لوالديه ومن فعل شيئاً لله أعانه الله عليه أما نصيحتي للأولياء فنصيحتي لهم أن يدعوا أبناءهم وبناتهم على ما يحبون أن يتجهوا إليه فالولد ذكراً كان أم أنثى أعلم بنفسه وأعلم بما يستريح له من العلوم إلا إذا اختار الولد ذكراً أو أنثى علوماً ضارة في دينه أو دنياه فحينئذٍ لا بأس أن يعارضوه وأن يشيروا عليه بتركه وأن يضغطوا عليه حتى يتركه لأن في ذلك نهياً عن المنكر ودرءاً للمفسدة.