للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بارك الله فيكم المستمع عطية من المدينة المنورة يقول: قرأت كتاباً عن عقوبة أهل الكبائر لمؤلفه أبي الليث السمرقندي، من ضمن ما قرأته الأربع الصفحات الأخيرة من الكتاب، وهو موضوع مواصفات الجنة وأهوال يوم القيامة، مما جعلني أبكي من شدة ما سمعت، ولا أستطيع شرح ما قرأته لأنه طويل، ولكن ربما مر عليكم هذا الكتاب يا فضيلة الشيخ وقرأتموه، فما رأيكم في هذا الكتاب؟ وهل ما ورد فيه صحيح؟ أفيدونا أثابكم الله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا الكتاب فيه الكثير من الأشياء التي لا تصح، ولهذا لا أنصح إخواني بقراءته، إلا رجلاً كان عنده علم شرعي يميز الصحيح من الضعيف والسقيم من السليم فلا بأس، وفي هذه الحال يحسن إذا قرأه أن يعلق على الضعيف منه وعلى السقيم، ويبين ضعفه وسَقمه، حتى لا يغتر الناس به، وهكذا نقول في أي كتاب يكون فيه الصحيح والضعيف: لا ننصح أحداً بقراءته، إلا رجلاً كان عنده علم سابق علم شرعي، فلا حرج أن يقرأه، ولكن ينبغي أن يعلق على الضعيف والسقيم حتى لا يغتر الناس به. ولست بقولي هذا أتحجر على الناس أن لا يقرؤوا الكتب، ولكني أقول لإخواني المسلمين: إن في الكتب المعتمدة الصحيحة ما فيه الكفاية والاستغناء عن هذه الكتب التي تشتمل على هذه الأشياء الضعيفة، وليعلم أن كثيراً من كتب الوعظ تشتمل على كثير من الأحاديث الضعيفة، وذلك استناداً إلى قولٍ ذهب إليه بعض أهل العلم، وهو: التساهل في الأحاديث الضعيفة في باب الفضائل أو الزواجر؛ نظراً إلى أنها إذا كانت في الفضائل تزيد الإنسان رغبة في الخير، وإذا كانت في أداء واجب تزيده رهبة من الشر. ومع ذلك فإن هؤلاء الذين يرخصون بالأحاديث الضعيفة من أهل العلم يشترطون لها شروطاًَ، وهي: ألا يكون الضعف شديداً، وألا يعتقد الإنسان أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها،وأن يكون لها أصل ثابت في الشرع. مثال ذلك لو ورد حديث فيه التخويف من الزنى وهو حديث ضعيف، فعند هؤلاء العلماء لا بأس من ذكره، بشرط ألا تعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وذلك لأن الزنى ثبت تحريمه في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة،فذكر هذا الوعيد فيه يزيد الإنسان نفوراً، منه والنفور من الزنى أمر مطلوب في الشرع، ثم إن ثبت هذا العقاب للزاني فإنه يكون قد فعل هذه الفاحشة على بصيرة، وإن لم يثبت فإنه لم يزدد إلا نفوراً من هذا الفعل المحرم وذلك لا يضره. كذلك لو جاء حديث ضعيف يرغب في صلاة الجماعة، فإن أجر صلاة الجماعة ثابت بالسنة الصحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام، والأمر بصلاة الجماعة ثابت في كتاب. الله والله الموفق.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>