[يقول السائل ما حكم أكل اللحوم المجمدة التي تصل إلينا من الخارج وبصفة خاصة لحم الدجاج؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: اللحوم التي تأتي من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى الأصل فيها الحل كما أن اللحوم التي تأتي من البلاد الإسلامية الأصل فيها الحل أيضاً وإن كنا لا ندري كيف ذبحوها ولا ندري هل سموا الله عليها أم لا لأن الأصل في الفعل الواقع من أهله أن يكون واقعاً على السلامة وعلى الصواب حتى يتبين أنه على غير وجه السلامة والصواب ودليل هذا الأصل ما ثبت في صحيح البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها قالت إن قوماً قالوا يا رسول الله إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (سموا أنتم وكلوا) قالت وكانوا حديثي عهد بكفر ففي هذا الحديث دليل على أن الفعل إذا وقع من أهله فإنه لا يلزمنا أن نسأل هل أتى به على الوجه الصحيح أم لا وبناء على هذا الأصل فإن هذه اللحوم التي تردنا من ذبائح أهل الكتاب حلال ولا يلزمنا أن نسأل عنها ولا أن نبحث لكن لو تبين لنا أن هذه اللحوم الواردة بعينها تذبح على غير الوجه الصحيح فإننا لا نأكلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل إلا السن والظفر أما السن فعظم وأما الظفر مدى الحبشة) ولا ينبغي للإنسان أن يتنطع في دينه فيبحث عن أشياء لا يلزمه البحث عنها ولكن إذا بان له الفساد وتيقنه فإن الواجب عليه اجتنابه فإن شك وتردد هل تذبح على طريق سليم أم لا؟ فإن لدينا أصلىن الأصل الأول السلامة والأصل الثاني الورع فإذا تورع الإنسان منها وتركها فلا حرج عليه وإن أكلها فلا حرج عليه وعلى هذا فالمقام لا يخلو من ثلاث حالات إما أن نعلم أن هذا يذبح على طريق سليم أو نعلم أنه يذبح على غير طريق سليم وهذان الحالان حكمها معلوم.
الحال الثالثة أن نشك فلا ندري أذبح على وجه سليم أم لا؟ والحكم في هذه الحال أن الذبيحة حلال إذا كان الذابح من أهل الذكاة وهو المسلم أو اليهودي أو النصراني ولا يجب أن نسأل وأن نبحث كيف ذبح؟ وهل سمى أم لم يسم؟ بل إن ظاهر السنة يدل على أن الأفضل عدم السؤال وعدم البحث ولهذا لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا لم يقل اسألوهم هل سمو الله أم لم يسموا الله؟ بل قال (سموا أنتم وكلوا) وهذه التسمية التي أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام ليست تسمية للذبح لأن الذبح قد انتهى وفرغ منها ولكنها تسمية للأكل فإن المشروع للآكل أن يسمي الله عز وجل عند أكله والقول الراجح أن التسمية على الأكل واجبة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها ولأن الإنسان لو لم يسم لشاركه الشيطان في أكله وشرابه.