السؤال: هـ. ع. م. العوشن السويدي تقول في رسالتها ما حكم لبن المرأة التي بلغت سن اليأس إذا درت لبناً على طفل فأرضعته خمس رضعات فأكثر في الحولين فهل اللبن هذا ينشر الحرمة ومن يكون أبوه من الرضاعة فقد تكون المرأة المرضعة بلا زوج أرجو إفادة جزاكم الله خير الجزاء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا السؤال أن الرضاع محرم يثبت به من التحريم ما يثبت بالنسب لقول النبي صلى الله عليه وسلم (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) والمحرمات من النسب سبع ذكرهنّ الله تعالى في قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ) فنظيرهنّ من الرضاع يحرم بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أشرنا إليه آنفاً وقد ذكر الله تعالى طرفاً منه في قوله (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ)(النساء: من الآية٢٣) ذكر هاتين في جملة المحرمات في النكاح فيثبت بالرضاع من أحكام النسب المحرمية وتحريم النكاح ويتفرع على المحرمية جواز النظر إلى المرأة والخلوة والسفر ولكن لا يثبت بالرضاع شيء من أحكام النسب فيما يتعلق بالميراث والعقل أي الدية والنفقات ونحو ذلك ولا يكون الرضاع مؤثراً حتى يكون خمس رضعات في الحولين قبل الفطام والسؤال الذي سألت عنه هذه السائلة يتبين جوابه بما ذكرنا فإن الرضاع الذي أشارت إليه كان خمس رضعات في الحولين وعلى هذا فتكون المرضعة أماً لهذا الرضيع من الرضاع لعموم قول الله تعالى (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ)(النساء: من الآية٢٣) حتى وإن كان اللبن قد در بعد أن بلغت سن الإياس ثم إن كانت ذات زوج فإن الولد الرضيع يكون ولداًَ لها وولداً لمن نسب لبنها إليه وإن لم تكن ذات زوج بأن لم تتزوج ثم درت فإنها تكون أماً لهذا الولد الذي أرضعته ولا يكون له أب من الرضاع ولا تستغرب أن يكون للطفل أم من الرضاع وليس له أب ولا تستغرب أيضاً أن يكون له أب من الرضاع وليس له أم ففي الصورة الأولى لو كان هناك امرأة أرضعت هذا الطفل رضعتين من لبن كان فيها من زوج ثم فارقها ذلك الزوج وتزوجت بعد انتهاء العدة بزوج آخر وحملت منه وأتت بولد فأرضعت بقية الرضاع للطفل السابق فإنها تكون أماً له من الرضاع لأنه رضع منها خمس رضعات ولا يكون له أب لأنها لم ترضع بلبن رجل خمس رضعات فأكثر أي لم ترضع بلبن رجل واحد خمس رضعات فأكثر وأما المسألة الثانية وهي أن يكون للطفل أب من الرضاع وليس له أم فمثل أن يكون رجل له زوجتان أرضعت إحداهما هذا الطفل رضعتين وأرضعته الأخرى تمام الرضعات ففي هذه الحال يكون ولداً للزوج لأنه رضع من اللبن المنسوب إليه خمس رضعات ولا يكون له أم من الرضاع لأنه لم يرتضع من امرأة إلا رضعتين ومن الأخرى إلا ثلاث رضعات.