[السائل ع م د ومقيم بالمملكة يقول: نرجو من فضيلة الشيخ إلقاء الضوء على العبر والمواعظ من الإسراء والمعراج والمشاهد التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم التي تؤثر في القلوب الغافلة؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: أحيل السائل إلى ما كتبه أهل العلم في ذلك؛ لأن حديث المعراج حديث طويل يحتاج إلى مجالس، ولكن ليرجع إلى ما كتبه ابن كثير رحمه الله في كتاب البداية والنهاية في قصة المعراج، وما كتبه العلماء في الحديث على ذلك: كفتح الباري، وشرح النووي على صحيح مسلم، وغيرهما من الكتب، إنما نشير إشارة موجزة لقصة المعراج: فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسرى به الله تعالى ليلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، كان نائماً في الحجر فأسري به من هناك، والحجر هو الجزء المقتطع من الكعبة والمقوس عليه بالجدار المعروف، أسري به من هناك عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس، وجمع له الأنبياء، وصلى بهم إماماً، ثم عرج به جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح ففتح له، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة. وجد في الأولى آدم، ووجد في السابعة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ووصل إلى موضع لم يصله أحد من البشر، وصل إلى موضع سمع فيه صريف الأقلام التي يكتب بها القدر اليومي، إلى سدرة المنتهى، ورأى من آيات الله سبحانه وتعالى ما لو رآه أحد سواه لزاغ بصره ولخبل عقله، لكن الله سبحانه وتعالى ثبت هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام حتى رأى من آيات ربه الكبرى. وفرض الله عليه الصلوات خمسين صلاة في كل يوم وليلة، وقيض الله موسى عليه الصلاة والسلام حين مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ماذا فرض الله عليه وعلى أمته؟ فأخبره بأن الله تعالى فرض عليه خمسين صلاة في كل يوم. وليلة فقال له: إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. فما زال نبينا صلوات الله وسلامه عليه يراجع الله، حتى استقرت الفريضة خمس صلوات في كل يوم وليلة بدل خمسين صلاة، لكنها بنعمة الله وفضله كانت خمس صلوات بالفعل وخمسين في الميزان، أي: إذا صلىنا خمس صلوات فكأننا صلىنا خمسين صلاة، والحمد لله رب العالمين وفي قصة فرض الصلوات في هذه الليلة التي هي أعظم ليلة في حق الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنها خمسون صلاة، وأنها فرضت من الله إلى رسوله بدون واسطة، في هذا دليل على عناية الله تعالى بهذه الصلوات ومحبته لها، وأنها أعظم الأعمال البدنية في الإسلام، ولهذا كان تاركها كافراً مرتدّاً خارجاً عن الإسلام. وقد اختلف الناس في ليلة المعراج والإسراء: هل هما في ليلة واحدة، أو في ليلتين؟ وهل كان الإسراء بروحه، أو بدنه وروحه؟ والصواب أنهما في ليلة واحدة، وأنه أسري بالرسول صلى الله عليه وسلم بروحه. وبدنه ثم انقسم الناس في ليلة المعراج: في أي ليلة هي؟ وفي أي شهر هي؟ وأقرب الأقوال أنها كانت قبل الهجرة بثلاث سنوات، وأنها كانت في ربيع الأول، وليست في رجب. ثم ابتدع الناس في هذه الليلة بدعاً لم تكن معروفة عند السلف، فصاروا يقيمون ليلة السابع والعشرين من رجب احتفالاً بهذه المناسبة، ولكن لم يصح أنها- أعني: ليلة الإسراء والمعراج- كانت في رجب، ولا أنها في ليلة سبع وعشرين منه، فهذه البدعة صارت خطأً على خطأ: خطأً من الناحية التاريخية؛ لأنها لم تصح أنها في سبع وعشرين من رجب، وخطأ من الناحية الدينية؛ لأنها بدعة، فإن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يحتفل بها، ولا الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة، ولا أئمة المسلمين من بعدهم.