للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من أختكم في الله ن. ص. القصيم تقول فيها نذرت في إحدى السنوات جهلاً مني بالنذر وحينما نذرت ذلك كنت بالغة حيث قلت عندما أنجح في هذه السنة أنذر لله بأنني سأصوم ولا أدري إن قلت شهرين أو ثلاثة متتالية أو غير متتالية تقول وظناً مني أنها كلمة فقط تقال ولا أهمية لها فأرجو منكم يا فضيلة الشيخ أن توجهوني؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً ما زلنا نكرر من هذا البرنامج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن النذر لا يأتي بخير ولا يجلب نفعاً ولا يدفع ضرراً ولا يرد قضاءً وما أكثر الناذرين الذين ينذرون ولا يوفون وما أعظم عقوبة الناذرين الذين لا يوفون يقول الله تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) فتأمل هذه القصة عاهدوا الله إن آتاهم من فضله أن يتصدقوا مما آتاهم وأن يصلحوا في أنفسهم ولكن لما آتاهم الله من فضله بخلوا وتولوا فلم يتصدقوا ولم يصلحوا فكانت العقوبة أن أعقبهم الله تعالى نفاقاً في قلوبهم إلى الممات إلى يوم يلقونه وهذا وعيدٌ شديد يخشى الإنسان منه إذا خالف ما عاهد الله عليه وما أكثر الذين يقولون إن شفى الله مريضي فلله علي نذر أن أتصدق بكذا أو أن أصوم كذا أو يقول إن نجح فلله علي نذر أن أفعل كذا وكذا فيعطيه الله تعالى ما نذر عليه ولا يؤتي لله ما نذره فيكون قد أخلف الله ما وعده وكذب فجمع بين نقض العهد والغدر وبين الكذب والعياذ بالله والإنسان إذا كان الله قد قدر له الخير فإن الخير يأتيه وإن لم ينذر وإذا قدر الله له رفع السوء فإن رفع السوء يرتفع وإن لم ينذر فليصبر ويسأل الله تعالى ما يرجوه من الخير وليسأل الله تعالى أن يرفع عنه ما يخافه من السوء هذه المرأة التي تسأل تقول إنها نذرت إذا نجحت أن تصوم ولم تدرِ ماذا قالت في عدد الصوم هل هو شهر أو شهران أو ثلاثة ثم هي لا تدري ما معنى النذر فنقول إذا كانت لا تدري ما معنى النذر ولا تدري هل النذر إلتزام أو غير إلتزام فنقول فإنه ليس عليها شيء لأن الله تعالى لا يكلفها شيئاً لم تلتزم به وإذا كانت تدري ما معنى النذر فإنها لا تدري ما معنى الإلتزام أيضاً على أنني أستبعد أن تنذر وهي لا تدري ما معنى النذر لأن كل إنسان يقصد قولاً فالغالب أنه يعرف معنى هذا القول وأنه لم يقل لغواً لا يدري ما معناه وعليه فهي حسيبة نفسها في هذا الأمر إن كانت تلك الساعة لا تدري ما النذر هل هو التزام فليس عليها شيء وإن كانت تدري أنه التزام ولكن أشكل عليها الآن كم شهراً عينت فإنه لا يلزمها إلا أقل تقدير لأن الأصل براءة ذمتها فإذا كانت تقول لا تدري أشهرٌ هو أم شهران أم ثلاثة قلنا لا يلزمها إلا شهراً واحداً لأن هذا هو المتيقن وما عداه مشكوكٌ فيه والأصل براءة الذمة وأخيراً أنصح إخواني المستمعين أنصحهم في النذور أن لا ينذروا وإذا نذروا طاعة فليوفوا بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه) .

***

<<  <  ج: ص:  >  >>