للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السائل من العراق بغداد يقول يوجد أنُاس يصلون بشكل مختلف عن الآخرين فهناك من يصلى الصلاة بوقتها بشكل منفرد وهناك من يصلى الصلاة بجمع الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء ما صحة هذا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) ويقول جل وعلا في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) فدين الإسلام إنما جاء بتوحيد الأمة وجمع كلمتها على شريعة الله التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم واتبعه على ذلك أصحابه رضوان الله عليهم من الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ثم بقية الصحابة ثم التابعون لهم بإحسان من أئمة الهدى ومصابيح الدجى هذا هو الدين الإسلامي الذي أمر الله به وأن تكون أمة واحدة على هذا المنهاج الذي سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون والصحابة رضي الله عنهم وأئمة الهدى من بعدهم كالإمام أحمد بن حنبل والشافعي ومالك وأبي حنيفة وسفيان وغيرهم ممن عرفوا بالهدى والصلاح وإرادة الإصلاح ومن أهم ما يوجب الاجتماع على دين الله إقامة صلاة الجماعة في المساجد فإنها من الشعائر الظاهرة التي تحمل فوائد كثيرة وقد دل الكتاب والسنة على أنها فرض أي صلاة الجماعة فرض وأنه لا يجوز لأحد أن يتخلف عنها ويصلى منفرداً تجد ذلك في القرآن قوله تعالى (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) فأوجب الله سبحانه وتعالى الصلاة جماعة حتى في مواجهة الأعداء فإذا أوجبها الله تعالى في هذه الحال فإيجابها في حال الأمن والرخاء من باب أولى قال تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) وأما السنة فأدلة وجوب صلاة الجماعة فيها كثيرة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة أنه قال (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلى بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم بيوتهم بالنار والذي نفسي بيده لو يجد أحدهم عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء) واستأذنه رجل أعمى ليس له قائد يقوده إلى المسجد أن يصلى وحده فأذن له فلما أدبر دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له هل تسمع النداء قال نعم قال فأجب وقال ابن مسعود رضي الله عنه (لقد رأيتنا يعني الصحابة رضي الله عنهم وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) فالذين لا يشهدون جماعة المسلمين ويصلون فرادى خالفوا ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الصلاة جماعة مع المسلمين وأما قول السائل إن من الناس من يجمع بين الصلوات فإن الجمع إن كان له سبب يبيحه فهو جائز وقد دلت السنة على جوازه كحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم (جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر قالوا ما أراد بذلك قال أراد أن لا يحرج أمته) فإذا كان في ترك الجمع مشقة على المسلمين جاز لهم الجمع كما إذا كان الخروج في المطر يشق عليهم فجمعوا بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء من أجل المشقة فهذا لا بأس به وكذلك إذا كانوا مسافرين وأما إذا لم يكن عذر فإن الجمع يكون حراماً ولا تصح الصلاة التي صلىت في غير وقتها فإذا جمع العصر إلى الظهر مثلاً فإن العصر لا تصح لأنه صلاها قبل دخول وقتها ويجب عليه إعادتها في وقتها وإذا أخر الظهر إلى العصر فإنه يحرم عليه أيضاً ذلك التأخير ولا تقبل منه الصلاة حينئذ لأنه أخرها بدون سبب شرعي وعلى المرء أن يتقي الله عز وجل وأن يقوم بما أوجب الله عليه وقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت قال (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ووقت المغرب ما لم يغب الشفق ووقت العشاء إلى نصف الليل ووقت الفجر ما لم تطلع الشمس) حدد النبي صلى الله عليه وسلم الأوقات وبينها فمن أخرج الصلاة عن وقتها الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم فقد عمل عملاً ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .

***

<<  <  ج: ص:  >  >>