يقول السائل بأنه يبلغ الثالثة والخمسين من عمره ولم يصم في حياته إلا سنة واحدة علماً بأنني أحافظ على الصلوات في أوقاتها وعدم صومي الذي حدث مني تهاوناً يشغلني ويقض مضجعي فكيف أعمل في كل هذه السنوات الماضية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نقول إذا كانت الأيام بل إذا كانت السنوات الماضية لا تصوم فيها فإنه لا شك أنك مذنبٌ ذنباً عظيماً وتاركاً لركن من أركان الإسلام والواجب عليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن تعتذر مما صنعت إلى ربك وأن تندم على ما حصل وأن تصلح عملك في المستقبل ولا يلزمك القضاء لما مضى وذلك لأن القضاء لا تستفيد منه شيئاً فإن القاعدة الشرعية التي دل عليها النص أن كل عبادةٍ مؤقتة إذا تركها الإنسان بدون عذر حتى خرج وقتها فإن قضاءها لا ينفعه وذلك لأن العبادة المؤقتة موقوتة بزمنٍ ذي طرفين فكما لا تصح لو قدمها على وقتها فلا تصح أيضاً لو أخرها عن وقتها بلا عذر ولو فرض أنه أخرها عن وقتها بلا عذر ثم صلاها بعد ذلك فإنها لا تقبل منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ومعلومٌ أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها عملٌ ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردوداً غير مقبول قال الله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) أي فرضاً موقتاً بوقت فإذا أخرجه الإنسان عن وقته لم يصح إلا بعذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نام عن صلاةٍ أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) فتب إلى الله عز وجل مما تركت من صيام الأعوام الماضية وأصلح العمل ومن تاب تاب الله عليه.