متى شرع الأذان في يوم الجمعة وهل كان الأذان موجوداً في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم علماً بأنه عندنا من أخذ بأذان واحد وترك الآخر مع سنة الجمعة وآخرون وهم الأغلبية يأخذون بالأذانين وبينهما سنة الجمعة فأيهم الصحيح نرجو أن توضحوا لنا ذلك مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما الأذان الثاني الذي يكون عند حضور الإمام فإن هذا موجودٌ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) وأما الأذان الأول فهذا من سنن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كثر الناس في المدينة أمر أن يؤذن أذان سابق للأذان الأول من أجل أن يحضر الناس إلى الجمعة حتى لا يفوتهم شيء من الخطبة وهذا الذي فعله عثمان رضي الله عنه سنةٌ أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام في قوله (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) ولا ريب أن عثمان رضي الله عنه من الخلفاء الراشدين فيكون اتباعه في ذلك امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل هذه السنة مخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الجمعة كانت موجودة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وليس لها إلا أذان واحد فيكون هذا الأذان الأول زائداً على السنة فيقال إن السبب الذي من أجله سن عثمان رضي الله عنه هذا الأذان لم يكن موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لأن المدينة كانت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام صغيرة فازدادت وازداد الناس واحتاج الناس إلى أن ينبهوا قبل حلول الأذان الثاني ومع كون هذه سنة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع سنته لأنه من الخلفاء الراشدين فإن لها أصلاً في السنة النبوية أيضاً ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) فكان بلالٌ يؤذن بليل قبل الفجر وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يؤذن ليوقظ النائم ويرجع القائم فكان هذا أذاناً لحث الناس على الإقبال على سحورهم فيكون حث الناس على الإقبال إلى صلاة الجمعة أوكد وأوكد ولكن لما لم يكن سببه موجود في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر ولم يوجد إلا في عهد عثمان صار سبب المشروعية قائما في عهد عثمان رضي الله عنه فمن أجل ذلك شرعه رضي الله عنه وأقره الصحابة على ذلك وما نعلم أحداً من الصحابة أنكر على عثمان هذا الأذان وعليه فالصواب مع الذين يؤذنون مرتين في يوم الجمعة الأول والثاني.