[إذا كان الشخص يصلى وفي أثناء الصلاة شرد ذهنه فلم يتذكر كم ركعة صلاها فماذا يفعل في هذه الحالة؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا شك المصلى كم صلى من الركعات فلا يخلو من حالين:
الحال الأولى أن يغلب على ظنه عدد معين سواء كان الأقل أو الأكثر فإذا غلب على ظنه عدد معين أخذ بهذا الظن وبنى عليه فإذا أتم صلاته وسلم سجد سجدتين للسهو ثم سلم فحينئذٍ يكون محل سجود السهو في هذه الحال بعد السلام كما يدل على ذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
الحال الثانية أن يشك في عدد الركعات ولا يغلب على ظنه رجحان عدد معين ففي هذه الحال يبني على اليقين وهو الأقل فإذا شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً ولم يترجح عنده أنها أربع ولا أنها ثلاث جعلها ثلاثاً وأتى بالرابعة ثم سجد للسهو قبل أن يسلم وحينئذٍ يفرق في الشك بين ما إذا كان يغلب على ظنه أحد الطرفين وما إذا لم يكن يغلب على ظنه ففي ما إذا كان يغلب على ظنه أحد الطرفين يعمل بهذا الظن الغالب ويسجد للسهو بعد السلام وفيما إذا كان لا يغلب على ظنه بل هو متردد بدون ترجيح يبني على الأقل ويسجد للسهو قبل السلام وأرجو من إخوتي الأئمة أن يعتنوا بهذا الباب أعني باب سجود السهو لأنه يشكل على كثير من الناس والإمام يقتدى به فإذا أتقنوا أحكام سجود السهو حصل في ذلك خير كثير وهاهنا مسألة أحب أن أنبه لها وهي أن بعض الأئمة يعلمون أن محل سجود السهو بعد السلام حين وقع منهم السهو لكنهم لا يفعلون ذلك لا يسجدون بعد السلام ويقولون إننا نخاف من التشويش على الناس وهذا حق إنه يشوش على الناس لكنهم أعني الناس إذا أخبروا بالحكم الشرعي وبين لهم الفرق بين ما كان ما قبل السلام وما بعده زال عنهم هذا اللبس وألفوا ذلك ونحن قد جربنا هذا بأنفسنا فإنا وجدنا أننا إذا سجدنا بعد السلام في سهو يكون محل السجود فيه بعده لم يحصل إشكال على المأمومين لأنهم علموا أن ذلك هو الحكم الشرعي وكوننا ندع السنة خوفاً من التشويش معناه أن كل سنة تشوش على الناس وهم يجهلونها ندعها وهذا لا ينبغي بل الذي ينبغي إحياء الأمر المشروع بين الناس وإذا كان ميتاً لا يعلم عنه كان الحرص عليه وعلى إحيائه أولى وأوجب حتى لا تموت هذه الشريعة بين المسلمين وفي هذه الحال إذا سجد الإمام بعد السلام حين كان مقتضاه السجود بعد السلام فإنه إذا سلم ينبه الجماعة فيقول إنما سجدت بعد السلام لأن هذا السهو محل سجوده بعد السلام ويبين لهم ما يعرفه من هذه الأحكام حتى يكونوا على بصيرة من الأمر.