[أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ إذا وجد الشخص في ثوبه نجاسة بعد عدة صلوات هل يعيد هذه الصلوات؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا وجد المصلى في ثوبه نجاسة بعد أن صلى فإنه لا إعادة عليه وكذلك لو كان يعلم بالنجاسة قبل الصلاة ولكن نسي أن يغسلها ثم صلى فلا إعادة عليه ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (صلى بأصحابه ذات يوم وكان لابسا نعليه وفي أثناء الصلاة خلعهما فخلع الصحابة نعالهم تأسيا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما قضى الصلاة سألهم لماذا خلعوا النعال فقالوا رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا) فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً فخلعتهما) فهنا علم النبي صلى الله عليه وسلم بما في نعليه من القذر واستمر في صلاته بعد خلعهما ولم يستأنف الصلاة لأنه كان لا يعلم عليه الصلاة والسلام أن فيهما قذرا فدل ذلك على أن من جهل النجاسة في لباسه من نعال أو سروال أو قميص أو غترة حتى صلى فإن صلاته صحيحة وإن علم في أثناء الصلاة خلع النجس إن أمكنه خلعه واستمر في صلاته وإن لم يمكنه خلعه مثل أن تكون النجاسة في قميص ليس عليه غيره فإنه يقطع صلاته ليغسل النجاسة أو يبدل الثوب النجس بثوب طاهر وفي هذا الحديث حديث النعلين دليل واضح على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يعلم الغيب كما أمره ربه عز وجل أن يعلن للأمة أنه لا يعلم الغيب فقال الله تعالى له (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) وقال الله تعالى له (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ولا يملك لغيره ضرا ولا رشدا ولا نفعا ولا ضرا لأنه بشر مخلوق لله عز وجل مربوب لله يصيبه ما يصيب البشر من المرض والجوع والعطش والحر والبرد كما قال عليه الصلاة والسلام حين نسي في صلاته قال (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني) وبهذا نعرف ضلال من يدعون النبي صلى الله عليه وسلم أن يكشف ضرهم أو يجلب لهم النفع أو يظنون أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب قال الله تبارك وتعالى (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ) ولكن الإنسان الموفق هو الذي لا يدعو إلا الله ولا يعتمد إلا على الله ولا يطلب النفع إلا من الله ولا يطلب دفع الضرر أو رفعه إلا من الله عز وجل المهم أن نقول كل من صلى بثوب نجس وهو لا يعلم أنه نجس فصلاته صحيحة وكل من صلى بثوب نجس كان عالماً أنه نجس لكن نسي أن يغسل النجاسة فإنه لا يعيد صلاته أما من صلى بغير وضوء ناسيا أو جاهلا ثم تبين له فعليه أن يعيد الصلاة كما لو أكل الإنسان لحم إبل وهو لا يدري أنه لحم إبل فصلى ثم تبين له بعد الصلاة أنه أكل لحم إبل وجب عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة لأنه صلى بغير وضوء فيفرق بين من صلى بغير وضوء وبين من صلى في ثوب نجس وكذلك لو أن الإنسان أصابته جنابة في نومه فقام ولم يعلم بها فتوضأ وصلى الفجر ثم تبين له بعد ذلك أن في ملابسه جنابة كانت من الليل فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة لأنه صلى وهو محدث.