م. ع من الرياض يقول ما هي المنافع الواردة في هذه الآية الكريمة (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المنافع للناس ما يحصل من الاتجار في الخمر ومن المكاسب بالميسر وما يحصل من النشوة والطرب في الخمر وما يحصل من الفرح والسرور في الكسب في الميسر وما يحصل كذلك من الحركة في العمال الذين يباشرون هذه الأعمال ولكن هذه المنافع وإن عظمت وكثرت فإن الإثم أعظم منها وأكبر كما قال الله تعالى (وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) وتأمل هذه الآية الكريمة حيث قال (قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) فذكر المنافع بصيغة منتهى الجموع الدالة على الكثرة ومع ذلك فإن كثرتها ليست بشيء بالنسبة لما فيهما من الإثم الكبير وقد كان الخمر حلالا في أول الإسلام لقوله تعالى (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) ثم أنزل الله آية البقرة (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) ثم نزلت آية النساء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) فامتنع الناس عن الشرب وقت الصلاة وكان في هذا نوع فطام لهم ثم نزلت آية المائدة وهي آخر ما نزل بشأن الخمر والميسر فقال الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) فانتهى الناس عن ذلك وصار تحريم الخمر بنص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين ولهذا قال العلماء من استحل الخمر فهو كافر مرتد خارج عن الإسلام ومن شربها معتقدا تحريمها فهو آثم وعاص لله ولرسوله ويجب على ولي الأمر أن يقيم عليه العقوبة التي جاءت بها السنة وصحت عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وذهب بعض العلماء إلى أنه أي شارب الخمر إذا شرب ثم جلد ثم شرب ثم جلد ثم شرب ثم جلد ثم شرب الرابعة فإنه يقتل لحديث ورد في ذلك وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقتل إذا لم ينته الناس بدون القتل يعني بمعنى أن الناس انهمكوا فيها حتى صار الإنسان منهم يجلد ثلاث مرات ولا يتوب ففي هذه الحال يقتل لأن مصلحة قتله خير من مصلحة بقائه لكن جمهور أهل العلم على أنه لا يقتل ولو جلد ثلاث مرات بدعوى أن الحديث الوارد في ذلك إما منسوخ أو ضعيف وعلى كل حال فإن الواجب على المسلم أن يكون مؤمنا بالله قائما بأمر الله مجتنبا لهذه القاذورات التي إن كان فيها نشوة ساعة من زمان ففيها مضرة أياما وشهورا والخمر مفتاح كل شر وأم الخبائث وكم من إنسان سكر فطلق زوجته وكم من إنسان سكر فزنى بمحارمه والعياذ بالله وكم من إنسان سكر وقتل نفسا وربما يقتل نفسه فالحاصل أن الواجب على المؤمن أن يتجنب مثل هذه القاذورات وأن يتقي الله عز وجل وأن يحمد الله الذي فضله على كثير ممن خلق تفضيلا.