بارك الله فيكم المستمع من جده له سؤال يقول شخص توفي والداه وهما غاضبان عليه لأنه كان عاقاً لهما فقيل له إن من عق والديه لا يجد رائحة الجنة وبذلك فقد فقد الأمل في دخول الجنة ولكي لا يصاب بيأس من رحمة الله قال له شخص آخر إنك تستطيع برهما بعد الموت وذلك بالدعاء لهما والاستغفار لهما والصدقة عنهما وإن الله سبحانه وتعالى سيجمع بينكم يوم القيامة ويخبر والديك بأنك فعلت كذا وكذا من أجلهما فإن رضيا عنك فإن الله سيعفو عنك والسؤال هو هل هناك أصل لما قاله هذا الشخص بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذه القضية عبرة لمن اعتبر تفيد أن الإنسان العاقل ينتهز الفرصة في القيام بما أوجب الله عليه لئلا تفوته الفرصة فبإمكان هذا السائل أن يكون باراً بوالديه قبل موتهما ولكنه سوّف وأهمل وفرّط حتى فات الأوان وانتقلا من الدنيا إلى الآخرة ولكني أقول له إن باب التوبة مفتوح فإذا علم الله من عبده أنه قد ندم على ما صنع واستغفر ربه فإن الله تعالى يغفر له ولا يترتب على فعله السابق شيء مما يكون في تركه وتضييعه فلا إثم عليه ولا عقوبة وأرجو من الأخ السائل أن يستمع إلى هذه الآية الكريمة (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً)(يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً)(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) فهذه الجرائم العظيمة الشرك وهو أعظم الذنب وقتل النفس وهو أعظم العدوان على البدن والزنا وهو أعظم العدوان على العرض إذا تاب الإنسان منها وآمن وعمل عملاً صالحاً فإن الله يبدل سيئاته حسنات ويغفر له ومن المعلوم أن الشرك لا يغفره الله (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) ومع هذا إذا تاب الإنسان منه غفر الله له ورحمه وإذا اتصف بالأوصاف الثلاثة تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً بدل الله سيئاته حسنات فليبشر هذا السائل إذا كان قد تاب إلى الله وندم على ما جرى منه من تقصير في حق والديه فليبشر بمغفرة الله له وليسأل الله الثبات وليكثر مما أرشده إليه أخوه من الاستغفار لوالديه والدعاء لهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما فإذا فعل ذلك عفا الله عنه وغفر له.