المستمع أحمد مسعد صالح مهندس مصري يعمل بالعراق يقول رجل مسلم بالاسم لا يصلى ولا يؤتي الزكاة ويفطر الكثير من رمضان وزوجته مسلمة تلتزم بكافة أمور الدين الحنيف فما الحكم في صحة زواجهما وهل تنطبق عليهم الآية من سورة الممتحنة (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) ؟
فأجاب رحمه الله تعالى: فهمنا من هذا السؤال أن هذين الزوجين أحدهما وهو الزوج الذكر مسلم بالاسم حيث كان يقول إنه مسلم لكنه لا يصلى ولا يؤتي الزكاة ولا يصوم إلا بعض الشهر أما زوجته فإنها مسلمة ملتزمة هذا الذي حدث للزوج من عدم إقامة الصلاة وعدم إيتاء الزكاة وعدم صيام رمضان إلا بعضه لا يخلو إما أن يكون قبل العقد أو بعد العقد فإن كان قبل العقد فإنه ينبني على القول بكفر تارك الصلاة فإن قلنا بأنه يكفر فإن عقده على المسلمة عقد باطل لا تحل له به وذلك لأن الكافر لا يحل له أن يتزوج امرأة مسلمة بإجماع المسلمين لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) وهذا موضع لا خلاف فيه بين المسلمين في أن الكافر سواء كان أصلىا أم مرتدا لا يحل له أن يتزوج امرأة مسلمة وأن عقده عليها باطل ولا إشكال فيه والقول بأن تارك الصلاة يكفر ولو كان مقراً بوجوبها هو القول الراجح الذي يدل عليه القرآن والسنة وحكي إجماع الصحابة رضي الله عنهم عليه وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وأحد قولي الشافعي أما إذا كان الزوج قد تزوجها وهو مسلم معتدل ثم حدث له ترك الصلاة والزكاة وبعض صيام رمضان فإن قلنا بكفره وهو الصحيح فإن نكاحه ينفسخ بدون طلاق فإن تاب ورجع إلى الإسلام وصلى قبل انقضاء العدة إذا كانت قد وجبت عليها العدة لكونه قد دخل بها فإنها زوجته وإن انتهت العدة قبل أن يتوب ويصلى فإنه لا حق له عليها ولا سلطان له عليها لكن اختلف العلماء هل انقضاء العدة يتبين به انفساخ النكاح ولا رجوع له عليها إلا بعقد أو أن انقضاء العدة يكون به زوال سلطان الزوج عنها وأنه لو أسلم بعد فله أن يأخذها بالنكاح الأول على خلاف بين أهل العلم وليس هذا موضع مناقشته وذكر الأدلة أما إذا عقد عليها وهو مستقيم ولكنه قبل أن يدخل عليها صار تاركا للصلاة والزكاة وبعض الصيام فإنه بمجرد تركه للصلاة يفسخ النكاح لأن هذا قبل الدخول وليس فيه عدة والحاصل أن هذا الزوج الذي ترك الصلاة لا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى أن يكون ذلك قبل العقد فلا يصح العقد ولا تحل به الزوجة.
الحال الثانية أن يكون بعد العقد وقبل الدخول أو الخلوة التي توجب العدة فهذا ينفسخ النكاح بمجرد تركه للصلاة.
الحال الثالثة أن يكون بعد الدخول أو الخلوة الموجبة للعدة فهذا يتوقف الأمر على انقضاء العدة إن تاب وصلى قبل انقضائها فهي زوجته وإن لم يفعل فإذا انقضت العدة فقد تبين فسخه منذ حصلت الردة والعياذ بالله وحينئذ إما أن لا يكون له عدة عليها وإما أن يكون له رجعة إذا أسلم وأحب ذلك على خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة وكل هذا الذي رجحناه بناء على ما نراه من أن تارك الصلاة يكفر كفراً مخرجاً عن الملة وقد تأملت هذه المسألة تأملا كثيراً وراجعت فيها ما تيسر من الكتب وبحثت فلم يتبن لي إلا أن القول بكفره هو القول الراجح وأن أدلة من قال بعدم كفره لا تخلو من أربعة أقسام إما أن يكون لا دليل فيها أصلا أو أنها مقيدة بمعنى يستحيل معه ترك الصلاة أو أنها مقيدة بحال يعذر فيها بترك الصلاة أو أنها عمومات تكون مخصصة بأدلة كفر تارك الصلاة.
فضيلة الشيخ: السؤال الثاني بقول لو افترضنا أن هذه السيدة كانت لا تعرف الحكم وعاشرت هذا المحكوم علية بالردة وهو رجل حاد الطبع سريع الغضب كثير المشاكل لدرجة أنه يفقد شعوره أثناء غضبه فيسب الله ويكفر بكل شيء والعياذ بالله ويحلف عليها أيماناً بالطلاق وبلا شعور فهل تقع عليها أيمان الطلاق علما بأننا لو حصرناها لوجدنها تزيد عن العشر مرات في فترات متباعدة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: متى قلنا بكفره أي بكفر تارك الصلاة فإن الواجب على المرأة أن تذهب عنه وألا تبقى معه لأن النكاح قد انفسخ وإذا كان قد انفسخ فكيف يحل لها أن تبقى مع زوج انفسخ نكاحها منه ولا حاجة إلى أن نفرض أنه يطلق وأنه يفعل ويفعل ما دمنا حكمنا بكفره فالأمر فيه واضح وهذا موضع ليس فيه التباس ولا اشتباه فإذا تبين للإنسان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله وسلم وقول الصحابة أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجاً عن الملة فلا وجه للتوقف في فسخ النكاح لنكاحه زوجته.