للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السؤال: يقول ما حكم الشرع في نظركم في عملية تنظيم النسل وتحديده؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: أقول إن التفكير في تنظيم النسل وتحديده أصله من فكرة معادية للإسلام مضادة لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حث صلى الله عليه وسلم على تزوج الودود الولود وأخبر أنه يكاثر الأنبياء بنا يوم القيامة ولا شك أن كثرة النسل من نعمة الله عز وجل، كما امتن الله بها على بني إسرائيل في قوله (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) ، وذكّرها شعيب قومه في قوله (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) فالذي ينبغي للإنسان أن يكثر النسل ما استطاع، نعم لو حصل على الأنثى ضرر لتتابع الحمل عليها لكون جسمها لا يتحمل ذلك فلها أن تفعل ما يقلل الحمل لديها دفعاً لضررها الذي يحصل لها بالحمل، وأما مع استقامة الحال وسلامة البنية فإنه لا شك أنه كلما كثر النسل فهو أفضل وأولى.

وأما تنظيم النسل فالواقع أن التنظيم ليس بيد الإنسان بل هو بيد الله عز وجل كما قال الله تعالى (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) ولو قدرنا أن بإمكان الإنسان أن ينظم حمله في البداية، أو أن ينظم نسله في البداية لو قدرنا ذلك، فإنه لا يمكنه أن ينظمه في النهاية لأنه من الجائز أن يقدر أن يكون أولاده في كل سنتين ولد، ولكن يموت الأولاد قبل أن تأتي السنتان أو بعد أن تمضي سنتان وقد يموتون قبل أربع سنوات وهكذا، فتنظيم النسل في الواقع وإن قدرنا أنه يمكن في الابتداء فإنه لا يمكن في الانتهاء ولهذا نرى أن الإنسان ينبغي له أن يحرص على ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم من كثرة الولادة، وأما تحديده بحيث يقطع النسل على عدد معين لا يزيد عليه فإنه حرام كما صرح بذلك بعض أهل العلم لأن ذلك يؤدي إلى قطع النسل في الواقع، فإنه إذا حدده ثم قُدّر فناء هؤلاء الأولاد الذين قد حدد النسل بهم انقطع نسل الرجل نهائياً فنصيحتي لكل من الرجال والنساء أن يحرصوا على كثرة الأولاد تحقيقاً لمباهاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>