فأجاب رحمه الله تعالى: صفات الرسول التي نستفيد منها أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم على خلق عظيم وأنه أكرم الناس جوداً بالنفس والمال وأنه أشجع الناس عليه الصلاة والسلام وأنه أرق الناس قلباً وألطف بالضعيف حتى كان عليه الصلاة والسلام يلاطف الصبيان ويمازحهم ويعطيهم ما يشتهون ففي يوم من الأيام كان ساجداً وهو يصلى فجاءه ابنه الحسن رضي الله عنه ابن علي ابن أبي طالب وهو ساجد فركبه الحسن ركب جده محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأطال السجود وقال صلى الله عليه وسلم للناس (إن ابني ارتحلني فأردت أن يقضي نهمته) وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحمل ابنة بنته وهي أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم -وهو جدها من أمها- يحملها وهو يصلى بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها وكان صبي صغير معه طير صغير يسمى النغير يلعب به الصبي ويفرح به كما جرت به عادة الصبيان فمات هذا الطائر فحزن الصبي فكان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يمازحه يقول يا أبا عمير ما فعل النغير يعني ماذا صنع وأين راح فهذا خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مراعاة أصحابه فلا يشق عليهم وما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً واسمع إلى قصة عجيبة كان أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه في إحدى جبهات القتال وكان معه فرس قد أمسك بزمامها والفرس جعلت تنازعه تريد أن تنطلق وهو في صلاته يمشي معها يغلبها تارة وتارة تغلبه فرأى خارجي من الخوارج أبا برزة يفعل هذا الفعل وهو يصلى فجعل يقول انظروا إلى هذا الشيخ ماذا يفعل فعل الله فيه كذا وكذا يسبه فلما سلم أبو برزة رضي الله عنه قال لقد سمعت ما قلت ولقد غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات أو ثمان غزوات فرأيت من تيسيره عليه الصلاة والسلام وإني خفت أن تنطلق هذه الفرس إلى مكانها الذي تألف سواء في المرعى أو في الرباط ولو فعلت لشق علي أن أصل إلى أهلي يعني فعملي هذا أهون من تعبي فيما بعد والشاهد من هذا الحديث قوله فرأيت من تيسيره وله عليه الصلاة والسلام مواقف كثيرة في هذا الأمر أي في التيسير حتى كان ينهى أصحابه عن الوصال بالصوم يعني أن لا يفطر بين اليومين درءاً للمشقة عليهم فقالوا إنك تواصل قال نعم لكن أنا لست كهيئتكم فنهيه عن الوصال تيسيراً على الأمة عليه الصلاة والسلام فهذا أبرز ما نتحدث عنه من خلقه صلى الله عليه وسلم أما في الشجاعة فمضرب المثل لا يساويه أحد في ليلة من الليالي سمعوا صيحة في المدينة فظنوا أنه عدو فخرجوا وإذا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يلاقيهم راجعاً من مكان الصوت قد استبرأه عليه الصلاة والسلام فقال ارجعوا لن تراعوا فهذه شجاعة عجيبة وفي غزوة حنين حين انهزم الناس كان يركب بغلته نحو العدو ويقول أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب فهو المثل في الشجاعة والكرم واللطف وغير ذلك من الأخلاق الحميدة وهذا هو الذي يهمنا من خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما في العبادة فحدث ولا حرج كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقوم في الليل حتى تتورم قدماه تتورم القدم من طول القيام وفي ليلة من الليالي قام معه في البيت حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فشرع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقرأ في البقرة فقال حذيفة يمضي إلى مائة آية فوصل مائة آية واستمر إلى آخر البقرة إلى سورة النساء كاملة إلى آل عمران كاملة ثلاث سور قدرها خمسة أجزاء وربع جزء في وقفة واحدة وفي ليلة أخرى كان معه عبد الله بن مسعود وهو شاب فقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلى فقام معه عبد الله بن مسعود فأطال القيام قال عبد الله بن مسعود حتى هممت بأمر سوء قالوا بماذا هممت يا أبا عبد الرحمن قال هممت أن أقعد وأدعه هذا في العبادة ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يراعي الأفضل فالأفضل وربما ترك الفاضل إلى المفضول لما يترتب عليه من المنفعة والمصلحة ها هو حث على اتباع الجنائز مثلاً وأحياناً تمر به الجنازة وهو في أصحابه ولا يتبعها لأنه مشتغل بالتعليم والتوجيه وهو أفضل من اتباع الجنائز وهلم جرا فعليك أخي السائل والمستمع أن تبحث عن أخلاق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشمائله من الطرق الصحيحة لأنه ليس كل ما نقل عن الرسول عليه اللصلاة والسلام صحيحاً لكن ابحث عن الصحيح وتأسى به فهو خير لك قال الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) .