[ما الحكم في الرشوة لرفع الظلم عن الراشي إذا لم يتم إلا بذلك؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة مسألةٌ عظيمة يقع فيها كثيرٌ من الناس وذلك أن بعض المسؤولين نسأل الله السلامة يماطلون في تنفيذ أعمال الخلق إلا إذا أعطوا رشوة والرشوة مأخوذة من الرشاء الذي يتوصل به الإنسان إلى الماء في البئر فهي عبارة عن الشيء الذي يبذله الإنسان ليتوصل إلى مقصوده وهذا المقصود إما أن يكون حراماً وإما أن يكون حلالاً فإذا كان المقصود حراماً مثل أن يبذل الرشوة ليتوصل إلى باطلٍ يدعيه وليس له أو يتوصل إلى إسقاط حقٍ عليه وهو ملزمٌ به فهذه الرشوة حرامٌ بلا ريب من وجهين الوجه الأول إنها إعانة على أكل المال بالباطل حيث يأكل المرتشي مالاً بالباطل بغير حق والثاني أنه يتوصل بها إلى إبطال حقٍ أو إلى إثبات باطل ولا ريب في تحريم هذه وأنها والعياذ بالله من أفسد ما يكون إذا وقعت في المجتمع أما القسم الثاني في الرشوة فهي التي يتوصل بها الإنسان إلى حقٍ له ثابت لكنه يماطل به حتى يسلم هذه الرشوة وهذه جائزةٌ للدافع إذا لم يتوصل إلى حقه إلا بها ولكنها حرامٌ على المدفوع إليه لأنه يكون بذلك خائناً لأمانته التي ولي عليها وآكلاً للمال بالباطل لأنه ليس له حقٌ في هذا المال الذي بذل له المسؤول فيجب عليه إقامة العدل ويجب عليه القيام بوظيفته سواءٌ أعطي أم لم يعط هذا مقتضى الأمانة ولكن في مثل هذه الحال ينبغي للناس أن يرفعوا إلى ولاة الأمور هذا الرجل وأمثاله لأجل أن يقيموا فيه العدل ويؤدبوه ويفعلوا ما يجب عليهم فعله من تعزير هذا تعزيراً يردعه وأمثاله عن مثل هذا العمل المشين والعياذ بالله.