أعمل في أحد المؤسسات الخاصة الصغيرة وأعمل بائعاً في محل للجرد وأتحمل مسؤولية ذلك حيث إن صاحب المحل يتأخر كثيراً في دفع رواتبي مثلاً يتأخر في دفع الراتب أكثر من ثلاثة شهور وهو يعلم جيداً بأنني أتحمل مسؤولية أسرة في بلدي ومع ذلك لا يبالي مما اضطرني أن آخذ مبالغ من المال الموجود في عهدتي لكي ألتزم بالإنفاق على أسرتي في بلدي علماً بأنني آخذ أقل من حقي لديه حتى يغطي جزء من المتأخر لدي من الرواتب والسؤال هل يجوز لي هذا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للإنسان أن يأخذ من مال غيره ولو كان مدينا له إلا بإذنه وذلك أن الأصل في مال الغير أنه حرام محترم لقول الله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) ولكننا نوجه النصيحة الخالصة لكفيلك الذي أنت تعمل عنده نحذره من المماطلة بحق الأجراء لأن المماطلة بحقهم ظلم لا يزداد به الإنسان إلا إثماً ولا يزداد بها ماله إلا فشلا ونقصاناً قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (مطل الغني ظلم والظلم ظلمات يوم القيامة) والعجب لهؤلاء الكفلاء الذين يماطلون بحق العمال عندهم أنهم يعلمون علم اليقين أنهم لن يوفوا هؤلاء العمال أجرهم مرتين فلماذا يماطلون بهم هل المماطلة تقتضي أن ينقص من أجور العمال شيئاْ فليتقوا الله تعالى في هؤلاء الذين فارقوا بلادهم وأهليهم من أجل لقمة العيش ثم يماطل به هؤلاء الكفلاء لأن ذلك ضرر من وجهين الوجه الأول المماطلة والوجه الثاني أن هؤلاء العمال لهم عوائل في بلادهم يحتاجون إلى الإنفاق فيبقى هؤلاء الأهل متضررين لعدم دفع نفقاتهم من قبل عائلهم الذي موطل بحقه ويا سبحان الله كيف يرضى هؤلاء الكفلاء أن يماطلوا هؤلاء العمال الفقراء ويؤخروا أجورهم إلى شهرين أو ثلاثة أو أكثر وهم لو نقص العامل من عمله شيئاً يسيراً لعاقبوه على ذلك إن قوماً هذا شأنهم لداخلون في قول الله تعالى (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) نسأل الله الهداية والتوفيق للخير لجميع المسلمين.