هذا السائل أحمد أ. من الرياض يقول فضيلة الشيخ ما حكم الذي يصرف كثيراً من راتبه على دهن العود أو البخور وغير ذلك من الروائح الطيبة وهل قول النبي صلى الله عليه وسلم (حبب لي من دنياكم ثلاث وذكر من ذلك الطيب) هل هو دهن العود في زماننا هذا أرجو التوجيه مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا شك أن الطيب واستعمال الطيب خيرٌ وفضيلة:
أولاً لأنه مما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وثانياً لأنه مما يشرح النفس ويطيب القلب.
وثالثاً أنه مما يجعل الإنسان بين الناس خفيف الروح محبوباً إليهم ولذلك تجد الرجل الذي يكون له رائحة كريهة يتمنى الإنسان أن لا يجلس معه طرفة عين فالطيب كله خير ولكن الإسراف في الإنفاق فيه داخلٌ في قول الله تبارك وتعالى (وَلا تُسْرِفُوا) وربما يسرف بعض الناس في الأطياب ويقصر فيما هو واجبٌ عليه فتجده يقصر في المأكل والمشرب وفي الملبس على من تجب عليه نفقته ويصرف غالب أمواله في الطيب وهذا لا شك أنه خطأ والله عز وجل مدح الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً وأما ما أشار إليه السائل من قوله عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (حبب إلي من دنياكم ثلاث النساء والطيب والصلاة) فهذا لا صحة له فإن الحديث الذي ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) ولم يقل حبب إلي ثلاث ولا يستقيم الكلام أن يقول قائل حبب إلي ثلاث من الدنيا النساء والطيب والصلاة لأن الصلاة ليست من أعمال الدنيا بل من أعمال الآخرة بل لو أراد الإنسان بصلاته الدنيا فإن صلاته تكون مردودةً عليه لأنه لم يخلص فيها لله فيجب أن يتنبه الأخ السائل لهذه المسألة لأن الحديث ليس على هذا اللفظ الذي قاله السائل (حبب إلى من دنياكم ثلاث) بل إن صوابه (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) وبهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين من نقل الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو الضعيفة إلا إذا أراد الإنسان أن يذكرها للناس ليبين وضعها أو ضعفها فهذا حسنٌ وجيد أما أن يذكرها على أن لها أصلاً وأنها أحاديث صحيحة فإن هذا لا يجوز وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) وقال (من حدث عني بحديثٍ يرى أنه كذب أو يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) أي فله إثم الكاذب والعياذ بالله فلا يجوز لأحد أن ينسب حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا إذا كان صحيحاً أو كان حسناً مقبولاً عند أهل العلم أما الضعاف أو الموضوعات فلا يجوز لأحدٍ نقلها ونحن نرى بين الحين والحين نشراتٌ تنشر فيها أحاديث موضوعة مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أهل العلم بالحديث أنها ليس لها أصل وأنها كذب ومع ذلك يتداولها الناس حتى إن بعضهم يقف عند الإشارات إشارات المرور وإذا وقفت السيارات بدأ يوزع عليهم ويظن أنه يحسن صنعاً وهو في الحقيقة يسيء صنعاً إلى نفسه وإلى غيره فإنه يضل الناس بغير هدى كما أننا نرى بين الحين والحين نشراتٌ أخرى تنسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام بمراء كاذبة فالحذر الحذر من هذه الأشياء التي تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواء كانت نسبة يقظة أو نسبة منام والواجب على العامي إذا وقع في يده مثل هذا أن يعرضه على من عنده من أهل العلم حتى يتبين الحق وأحث إخواني طلبة العلم الذين يعلمون كذب مثل هذه الأشياء إذا عرض عليهم مثل ذلك أن يكتب أحدهم ما شاء الله على هذه الورقة ثم يصورها وتوزع حتى يرد الباطل بهذا الحق.
وأما الطيب فهوكل ما طابت رائحته سواء ريحان أو ورد أو دهن عود أو غير ذلك.