[السؤال: تقول لو خرجت المرأة للعمل بدون محرم وتركت أولادها عند أمها برضا زوجها لضرورة الحياة وهي محجبة ومحافظة على أمور دينها محافظة على غياب زوجها فهل هي آثمة في حق أولادها أم لا؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: فإن خروج المرأة عن أولادها وبيت زوجها إلى العمل هذا أمر خطير جداً لأن المرأة ليست بحاجة إليه أي إلى التكسب بالعمل إذ أن زوجها مأمور بالإنفاق عليها لقول الله تعالى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ) وهو الزوج (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع في عرفة (لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ولقوله تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) ولم يقل الله من قُدر عليه رزقه فلتكن زوجته معه تكتسب فالإسلام نظام مُتَكامل يُحِّمل كل إنسان ما يليق بحاله فعلى الزوج النفقة وعلى الأم الرعاية في البيت فإذا كانت هذه المرأة تريد أن تكون من الطراز الأول فإن عليها أن تعود إلى بيتها وتكون مربية لأولادها حتى لا تحرم أولادها شفقة الأمومة فإن الجدة وإن كانت ذات شفقة لكن شفقة الأم أقوى وكذلك لا تحرم نفسها من أولادها يرونها بينهم ويشتكون إليها وزوجها هو الذي يكتسب وينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها هذا ما أشير به عليها أن تعود إلى البيت وأن ترعى أولادها وزوجها كما قال الله سبحانه وتعالى (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) ولكن إن أبت إلا أن تعمل فلا حرج عليها أن تعمل في حقل نسائي لا في حقل الرجال لأنها مهما بلغت من العفة والصيانة والاحتجاب فإنها لن تسلم من الفتنة إما منها أو بها فلهذا لا نرى جواز عملها مع الرجال في أي عمل من الأعمال بل إذا كان ولابد فإنها تشتغل في حقل النساء كمدارس البنات وما أشبهها وأما إن كان أولادها يُضطرَون إليها بحيث تكون الجدة عاجزة عن القيام بما يجب نحوهم فإنه لا يجوز لها إطلاقاً أن تخرج حتى ولا إلى العمل في حقل نسائي لأنها تكون قد أضاعت أمانتها في هذه الحال حتى لو وفرت الخادمة لأن الخادمة لا يكون عندها العطف والحنو والإشفاق الذي يكون عند الأم ثم إذا وفرت خادمة فالخادمة ستحتاج إلى أجرة وإلى نفقة وقد تكون أجرة الخادمة أقل من أجرة اكتساب هذه المرأة في عملها وهو الغالب وقد تكون مثلها وقد تكون أكثر وإن كان الغالب أن أجرة الخادمة أقل فهي تريد أن تكتسب لتوفر لنفسها شيئا ولكن مع ذلك لا نرى لها هذا لأن الخادمة بلا شك مهما كانت من الدين والأمانة لن تقوم بما تقوم به الأم أو الجدة أو المرأة القريبة.