سائلة تقول إنه في يومٍ من الأيام حدث أمرٌ أغضبني كثيراً فقلت إذا تحقق ذلك الأمر سأصوم لله في كل سنةٍ شهراً فتحقق ذلك والحمد لله فبدأت أصوم ولكني سمعت أنه لا يقع النذر من الغضبان فأنا الآن محتارة ولا تطاوعني نفسي بترك الصيام وقد مرت علي سنةٌ ولم أصم الشهر المنذور فيها فما الحكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم أن الغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام غضبٌ بلغ الغاية بحيث لا يشعر الإنسان بما يقول ولا يدري ما يقول فهذا لا حكم لقوله لأنه لا يشعر بما يقول فالإرادة منغلقةٌ عليه فيكون قوله لغواً وأما القسم الثاني فهو الغضب في ابتدائه بحيث إن الإنسان يشعر بما يقول ويملك نفسه ويستطيع أن يتصرف تصرفاً تاماً فهذا لا يؤثر إطلاقاً الغضب لا يؤثر في حقه والقسم الثالث وسط بين هاتين الحالين بحيث يكون غضبان يشعر ما يقول ويدري ما يقول ولكنه فقد السيطرة التامة على تصرفه فهذا محل خلافٍ بين أهل العلم والمرأة تعرف نفسها إن كانت من القسم الأول فإن نذرها هذا لغوٌ ولا يلزمها أن تصوم شهرٌ كل سنة وإن كان من القسم الثاني وهو الغضب اليسير فلغوها فنذرها صحيح ويلزمها أن تفي بما نذرت وأما إذا كان من القسم الوسط ففيه خلاف بين أهل العلم والأظهر والله أعلم أنه لا يلزمها لأن الأصل براءة الذمة حتى يتبين لنا أنها تمكنت من التصرف كما تريد والله أعلم.