[ما حكم الغلو في محبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: الغلو في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم- بمعنى: أن يتجاوز الإنسان الحدود ويقول: إن ذلك من محبة الرسول- محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الغلو فيه. ثم إن الذي يغلو في الرسول عليه الصلاة والسلام ويرفعه فوق منزلته التي أنزله الله عز وجل مدعياً أنه يحبه قد كذب نفسه؛ لأن المحب يأخذ بنصائح حبيبه ويتبع حبيبه ولا يخالف حبيبه، والغالي في الرسول عليه الصلاة والسلام مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف يدعي حب الرسول؟ وهو يعصي الرسول ولهذا نقول: من كان للرسول أشد اتباعاً فهو أصدق محبة، ومن خالف الرسول عليه الصلاة والسلام فقد نقص من محبته الرسول بقدر ما خالف فيه الرسول. ولا تغتر بهؤلاء الغلاة الذين يغلون برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وينتحلون أحاديث لا زمام لها، بل هي مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام أنها موضوعة مكذوبة، لا تغتر بهؤلاء، وقل لهم كما قال الله عز وجل:(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) . وأما إنشاد القصائد الحزينة وهز الرؤوس عندها، والتصفيق والخفة بزعم أن هذا من تعظيم الرسول عليه الصلاة والسلام فكل هذا مخالف للرسول عليه الصلاة والسلام، مخالف لهديه. فإن كنت صادقاً في محبته صلوات الله وسلامه عليه فعليك باتباعه، لا تتقاصر عنه ولا تتجاوزه، فكل خير في الاتباع، وكل شر في الابتداع. وإذا أردت أن تزن عملك بميزان قسط فانظر إلى الصحابة رضي الله عنهم الذين هم أقرب إلى الحق من غيرهم، وأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيرهم، حيث عايشوه وناصروه وشرفهم الله تعالى بصحبته، هل عملوا هذا العمل؟ إذا كانوا عملوه فهم على حق، وإذا لم يعملوه فهو باطل؛ لأنه لا يمكن لخلف الأمة أن يكونوا خيراً من سلف الأمة، وكيف يمكن ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ؟ وإياك وما أحدث في دين الله من البدع التي مضمونها الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استحضر قول الله تعالى:(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) . فرضا الله عن الأتباع لا يكون إلا إذا اتبعوا بإحسان والاتباع بإحسان، هو ألا يقصر الإنسان عن هديهم ولا يتجاوز هديهم.