أحسن الله إليكم هذا سؤال من المستمعة فتاة من الأردن الزرقاء تقول: عمرها خمسة وعشرون عاما، ً فمنذ صغرها وهي تطلب للزواج ولا يحصل نصيب، لا يكون ذلك برفض منها ولكنها لا تدري ما هو السبب، فهي إنسانة طبيعية متوسطة الجمال، فقال الناس لأمها: إن ابنتك لها حجاب عن الزواج، ولكن أمها رفضت هذه الفكرة من الأصل؛ لأنها تخاف الله ولا تصدق بهذه الأشياء. وفي يوم من الأيام ذهبت الفتاة وحدها إلى امرأة يقال لها: شيخة، فقالت لها: إن لك عدة أعمال محجوبة، من ضمنها الزواج والوظيفة والقلق والكراهية وما إلى ذلك، وعملت لها عدة أشياء، منها ما يعلق على الصدر وعلى الكتف اليمين، ومنها ما يشرب ويرش، فبقيت تستعمل هذه الأشياء بالسر عن والدتها، ومضى شهر وشهران وأكثر ولم يطرق بابها أي خاطب. أما ما قالته لها بخصوص العمل فهي موظفة، أما ما تعانيه فهو صحيح: فهي تكره أن ترى الناس، بعد ذلك تغيرت وأصبحت حالتها أحسن، وذات مرة خطر ببالها أن تمزق هذا الحجاب الذي أعطته لها تلك المرأة، وعندما فتحته وجدت بداخله تكراراً لأسماء الرسول والخلفاء وبعض الرسل وبعض الأسماء الغريبة، فحرقتها جميعا. ً فتسأل: هل صحيح أن الحجاب الذي يعمله المشعوذون يمنع الفتاة عن الزواج؟ وهل ما قامت به من تمزيقه حرام؟ مع العلم أن بعض ما أخبرتها به صحيح؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا سؤال يتلخص جوابه في شيئين: الشيء الأول: تعليق هذه الحجب، سواء كان لطالب الزواج، أم للبراءة من المرض الجسمي أو النفسي، هل هو جائز أو ليس بجائز؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنه ليس بجائز على كل حال، وذلك لأنه لم يرد في كتاب الله ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعليق مثل هذا يكون سبباً في إزالة ما يكره أو حصول ما هو محبوب، وإذا لم يثبت شرعاً فإنه لا يجوز إثبات كونه سبباً. ومن العلماء من يقول: إنه لا بأس به- أي: بتعليق الحجاب- لدفع ضرر أو حصول منفعة، لكن بشرط أن يكون من إنسان موثوق به، وأن يعلم ما كُتب فيه، وأن لا يكون هذا المكتوب مخالفاً لما جاء به الشرع، فإذا تمت هذه الشروط الثلاثة فهو جائز، وبعضهم يشترطون شرطاً رابعاً، وهو: أن يكون من القرآن خاصة. وعلى هذا القول الثاني يجوز التعليق بالشروط الأربعة، ولكن الذي أرى أنه لا يجوز مطلقاً؛ لأن تعليل من قال بعدم الجواز قوي، حيث إنه لم يثبت في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن هذا من الأسباب النافعة، وكل شيء يثبت سبباً لشيء ولم يكن معلوماً بالشرع أو معلوماً بالحس فإنه لا يجوز إثباته. أما المسألة الثانية أو الشيء الثاني مما يتضمنه جوابنا هذا على سؤال المرأة: فإن هذا الذي عملته في هذا الحجاب تمزيقه من المعروف، وهو عمل طيب، بل يجب عليها إذا كانت لا تدري ما الذي فيه أن تكشف عنه، فإذا رأت فيه مثلما ذكرت أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم وأسماء الخلفاء وبعض الرسل فإنه لا يجوز تعليقه؛ لأن هذا شيء غير مؤكد، وإذا رأت فيه قرآناً فإنه ينبني على الخلاف الذي ذكرناه قبل قليل والذي نرى أيضاً أنه لا يجوز تعليقه. فإذا كان قرآناً فهناك طريقان: إما أن تدفنه في محل نظيف، وإما أن تحرقه وتدقه بعد إحراقه حتى يتلاشى نهائياً. وبهذه المناسبة أود أن أحذر إخواننا من التردد على أولئك الناس الذين يكتبون هذه الأحراز وهذه الحجب، وحالهم لا تعلم لا من جهة الديانة ولا من جهة العلم؛ لأن هذه من الأمور الخطيرة، وكون الإنسان إذا فعلها يتأثر ويجد خفة قد لا يكون ذلك من جراء هذا العمل، قد يكون الله تعالى قد أذن ببرئه أو شفائه وصادف أن يكون عند هذا الشيء لا به، وأيضاً فإنه من المعلوم نفسياً أن الإنسان إذا شعر بشيء منه نفسياً فإنه يتأثر به جسمه، حتى إن الإنسان -كما هو مشاهد- إذا كان غافلاً عما به من مرض فإنه لا يحس به، فإذا التفت بفكره إليه أحس به هذا الرجل، يكون مشتغلاً بتحميل عفشه مثلاً فيجرحه مسمار أو زجاجة، تجده لا يحس بها حين اشتغاله بالعمل، فإذا تفرغ فإنه يحس به؛ لأنه جعل فكره إليه. والمهم أننا ننصح إخواننا عن هذه الطرق التي لا يعلم من سلكها، ولا يعلم ما فيها من مكتوب، والإنسان ينبغي له أن يعلق قلبه بالله عز وجل، ويتبع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستشفاء بالقرآن والدعاء.