استدنت مبلغاً من المال من بعض الأشخاص وقد أنفقت ذلك المبلغ ولا أملك المبلغ حتى أرده إلى هؤلاء الأشخاص لأنني رجل فقير وإني في حيرة من أمري لخوفي أن يدركني الموت قبل أن أتمكن من سداد الدين فما الحكم في ذلك إذا لم يسامحني هؤلاء الأشخاص؟
فأجاب رحمه الله تعالى: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله)) فإذا كان هذا الفقير الذي استدان من الناس بنيته أنه سيوفي فإن الله تعالى سيوفي عنه إما أن ييسر له ذلك في الدينا قبل أن يموت وإما أن ييسر الله له من يوفي عنه وإما أن يوفي الله عنه يوم القيامة ولكن أنا أحب أن أقدم نصيحة لبعض الناس الذين يتهاونون بالدين ويستدينون لأشياء ليس لهم بها حاجة فضلاً عن أن يكون لهم به ضرورة فيثقلون كواهلهم بالديون من أجل الأمور الكمالية ولا يحتاجون إليها ولكن من أجل المباهاة وهذا خطأ منهم وتقصير فإذا كان الإنسان ليس عنده شيء فليقتصر على ما أعطاه الله فقط ولا يستدين من أجل أمور ليس له بها ضرورة فإن الدين شأنه عظيم فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) وثبت عنه إذا أتى بجنازة عليها دين ولم يترك الميت وفاء لهذا الدين أنه لا يصلى عليه كما في حديث أبي قتادة رضي الله عنه (أن رجلاً من الأنصار توفي وعليه ديناران ثم جاؤوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليصلى عليه فخطا خطوات ثم قال هل عليه من الدين قالوا نعم يا رسول الله ديناران فتأخر وقال صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة رضي الله عنه الديناران عليّ يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام حق الغريم وبريء منه الميت قال نعم فتقدم وصلى) ثم لما فتح الله عليه بالفتوح صار عليه الصلاة والسلام يقول أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم وصار يقضي الديون عن الأموات ويصلى عليهم وإذا كان هذا شأن الدين فلا ينبغي للعاقل فضلاً عن المؤمن أن يتهاون به.