عمي قتل في المعركة وقد بلغ بنا الحزن عليه أن قررنا زيارة قبره كل خميسٍ وجمعة ولبسنا السواد مدة خمسة وثلاثين يوماً وقد رفع أهله قبره عن الأرض فما الحكم في هذه الأعمال هل هي صحيحةٌ أم مخالفةٌ لكتاب الله وسنة رسوله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الأعمال غير صحيحة والواجب على المرء إذا أصيب بمصيبة أن يتلقاها بالصبر والاحتساب لأن الحزن لا يرد شيئاً من المقدور وقد قال الله تعالى في القرآن (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لإحدى بناته وقد مات لها طفل قال للرسول الذي أرسلته للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (مرها فلتصبر ولتحتسب فإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمى) فالواجب عليكم أيها المصابون بفقد حبيبكم الصبر والاحتساب والدعاء له بالمغفرة والرحمة حيث إنه مسلم وعلى هذا فإن زيارتكم لقبره أو تقرير هذه الزيارة لقبره كل خميس وجمعة ليس بمشروع ولا ينبغي وكذلك لبسكم السواد فإنه من البدع وإظهار الحزن وهو شبيهٌ بشق الجيوب ولطم الخدود الذي تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله حيث قال (ليس منا من شق الجيوب ولطم الخدود ودعا بدعوى الجاهلية) وأما رفع القبر فإنه أيضاً خلاف السنة ويجب أن يسوى بالقبور التي حوله إن كان حوله قبور أو ينزل حتى يكون كالقبور المعتادة لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لأبي هياجٍ الأسدي (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته) .